الإحصائيات التى تتعلق بالوطن، ليست مجرد أرقام نسمعها أو نرددها فقط، لكن هناك معانى كثيرة وراء هذه الأعداد والنسب التى تصدرها المؤسسات والمراكز المتخصصة، علينا أن نهتم بها ونقرأها جيدا ونعرف أثرها وضررها وفائدتها فى مستقبل البلد.
ومنذ أيام قليلة، كشفت نتائج مسح النشء والشباب فى المناطق العشوائية بالقاهرة الكبرى، الذى أعده مجلس السكان الدولى، بالتعاون مع الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، تحت رعاية مجلس الوزراء، وبالتعاون مع الأمم المتحدة، عددًا من الإحصائيات المهمة التى تتعلق بالشباب ومنها: %20.3 من شباب المناطق العشوائية يرغبون فى الهجرة، %9.9 معدل البطالة بين الشباب فى المناطق العشوائية خلال 2016، وبلغت نسبة استخدام الشباب للإنترنت، وفقا لنتائج المسح، أكثر من %60 للشباب فى الفئة العمرية 15 - 29 العام الجارى.
وأكد المسح أن «ظاهرة الخناقات فى العشوائيات منتشرة جدا، حيث بلغت نسبة الشباب الذين أكدوا ذلك %78، وأشارت نسبة %60 إلى أنه عادة ما يتم استخدام الأسلحة البيضاء أثناء الشجار، وأكد نحو %59 من الشباب انتشار حوادث السرقة، كما أن %48 ذكروا أن حوادث البلطجة والقتل منتشرة، و%85 من شباب المناطق العشوائية يتعاطون المخدرات، ونحو ثلثى العينة أن ظاهرة تعاطى وتجارة المخدرات تفاقمت فى الفترة الأخيرة، وأشار نحو %81 إلى انتشار ظاهرة المعاكسات والتحرش».
ومما يلفت الانتباه بشدة، كما جاء فى التقارير الإخبارية التى تناولت نتائج المسح، والتى تم الإعلان عنها فى مؤتمر صحفى، غياب وزراء التضامن الاجتماعى والإسكان والبيئة والتخطيط والشباب، عن المشاركة فى هذا المؤتمر بما يعنى أنه تقريبا لم يكن أحد من المعنيين والمسؤولين موجودين للاستفادة ولمناقشة هذه الأرقام.
هذا الغياب يشعرنا بالخطر، لأنه يعنى أن هذه الأرقام سوف تمر مرور الكرام، دون تنبه لمعناها وخطورتها، دون تحليلها من قبل المؤسسات، ودون التزام بدورها فى المعالجة.
بالطبع يعد الجزء المتعلق بالمخدرات هو الأخطر فى هذا التقرير، ويحتاج إلى حلول عاجلة وتضافر أكثر من جهة للتقليل منه إن لم يكن للقضاء عليه تماما، لأنه هو أساس كل المشكلات التى تحدث فى المجتمع المصرى فى كل جوانبه، ولأن الأمر تزايد بصورة مفزعة وصلت لحالة التفاخر بها واعتبار التعاطى جزءا من الشخصية.
على العموم يجب التعامل مع هذه الإحصائيات على كونها مؤشرات وناقوس خطر، وتحتاج إلى دراسات سريعة للبحث عن حلول للعوائق التى تواجه الشباب فى العاصمة، وفى غيرها من مناطق الدولة، هذه الدراسات تتحول إلى خطوات معينة لحل الكثير من المشكلات.