يتحرك السلفيون فى حياتهم من منطق الخوف، ومن باب الطمع يرون الدين ويفسرونه ويقبلون ويرفضون، يظنون أن القسوة على النفس هى الطريق إلى الحق، لكن الحب لا يعرف الطريق أبدا للعلاقة بينهم وبين الله، يعبدونه خوفا وطمعا، وهذا ليس خطأ، لكنهم لا يفكرون فى الوصول إليه حبا، ولو فعلوا ذلك لعرفوا أن الله الكريم يحب خلقه ولا يترصد بهم، بل يحب توبتهم ويرغب فى مسامحتهم.
السلفيون يقولون إن الحياة لا تساوى شيئا، وذلك حق إذا ما قورنت بما عند الله، لكن العظيم سبحانه أوجدنا فيها، إذا علينا أن نقوم بدورنا كاملا، وهذا الدور لا يعنى أن نلعنها طوال الوقت ونلعن ما فيها، ونغلق الباب على أنفسنا حتى نموت اختناقا، لأن «الهواء» يمكنه أن يغوينا وأن يجعلنا مشركين وكافرين بالله.
كرمنا الله بالعقل، والسلفيون يصرون على تغييبه، وأن كبارنا فى الإدراك مثل صغارنا، الجميع ضائع لا محالة، لا عقل يفيد ولا قلب يشفع ولا رحمة من الله تتنزل على خلقه، يؤكدون فى كل فتاويهم أن الحياة سوداوية، ليس بها متنفس واحد للإنسان، كأنما خلق الله كل هذا الحلال سدى.
لم يسأل السلفيون أنفسهم أبدا ما الأصل فى الشىء الحلال أم الحرام، هل شرع الإسلام بأن كل شىء حرام إلا كذا، أم قال بأن كل شىء حلال إلا كذا؟! لا يعرفون أن دائرة الخير التى صنعها الله الكريم متسعة، وأن الله يحب الاعتدال حتى فى الطاعة، وأن الرسول الكريم صلوات الله عليه لم يعرف عنه حبه للتشدد أو رغبته فيه، ولم ينكر أبدا استمتاعه برزق الله وحلاله.
يعشقون الاختلاف حتى لو بالخطأ، يظنون أن الشيطان يسكن فى كل شىء، وأن النفس أمارة بالسوء طوال الوقت، ويتجاهلون أن الشيطان تغلبه روح الله، وأن النفس أمارة بالخير والشر، وأن الحياة محل اختبار لنثبت لله أننا نستحق رحمته، والاختبار لا يكون سوى بتعرضنا للغواية ومواجهتها والانتصار عليها.
دائما ما يتحدث السلفيون عن الدين كأنه شىء خاص بهم هم فقط الذين يعرفونه، وباقى الناس ساقطون فى جهالة، يرفعون شعار الوصاية علينا مع أنه لا كهنوت فى الإسلام.
فى الحقيقة كلما فكرت فى تجاهل شطحات السلفيين وبُعدهم عن الواقع، أعادونى بفتاويهم الغريبة للتعليق على كلامهم، فأعتبر أن صمتى عنهم ذنب كبير، وها هو ياسر برهامى، يدخل فى تفاهات الأشياء قائلا بأن «خمسة وخميسة» شرك بالله، وهنا لن أقول له إلا ما قالته «آمنة نصير» «بطل تفاهة».
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة