» القضاء على الفساد عايز وزير "مرضى عنه" وعلى الدولة ألا تصدق أجهزتها الرقابية و"أنا مش عايز أفتح الموضوع وفى أشياء كثيرة لا تقال".
» نحتاج لثورة لا تقل عن 23 يوليو 1952.. وثورة يناير استبدلت وجوه بأخرى
» لم أقل أن النيابة العامة أصبحت أكثر تطرفاً من "داعش" والمحامى العام سـألنى: كيف تدافع عن رواية "قليلة الأدب"
» رواية "استخدام الحياة" لم يقرأها 100 قارئ ومتابعو "أخبار الأدب" عددهم محدود وحبس "ناجى" رفع سهمها
» وجود المثقفين فى البرلمان لم يخدم قضيتنا حتى الآن ونحن لا نقصر فى معركة التنوير ولكن البعض يخاف مهاجمة الأزهر
» الإمام أحمد الطيب قارئ ممتاز والمشكلة فى تصلب الرأى ولا توجد سلطة فى الدين واجتهاد شيوخ الأزهر لا يختلف عن اجتهاد أى إنسان
هو واحد من أكثر الشخصيات العامة إثارة للجدل، مكانته العلمية الكبيرة ووجوده فى المستمر فى المحافل الثقافية والعالمية أمر جعله فى محط الأنظار، شغل العديد من المواقع الثقافية الكبرى حتى وصل إلى كرسى الوزارة مرتين، لكن برغم ذلك لم يتوقف عن إثارة الجدل وطرح الأفكار الصادمة والاشتباك مع الأفكار السائدة سواء كانت نابعة من أشخاص أو من مؤسسات، وجوده على رأس وزارة الثقافة فتح الكثير من المعارك، ووجوده خارج الوزارة فتح الكثير من المعارك أيضا، ولعل أخرها هو ما تردد عن التحقيق معه بسبب رأيه فى مرافعة أحد وكلاء النيابة ضد الكاتب أحمد ناجى الذى تتم محاكمته بتهمة خدش الحياء العام، حول هذه القضية وغيرها من القضايا الساخنة حاور اليوم السابع الدكتور "جابر عصفور".
» فى البداية .. ما هو رأيك فى قرار إحالتك للمحكمة الجنائية على ضوء مشاركتك فى مؤتمر الحماية القانونية لحرية الفكر والتعبير؟
» أنا فعلاً ذهبت للنيابة، وتم سؤالى عما هو منسوب إلى ونشر فى إحدى الصحف المصرية، وما جاء فى صفحتها الأولى من أن "عصفور" يتهم النيابة العامة بأنها أصحبت أكثر تطرفًا من "داعش"، وللأسف أن كل ما حدث هو أننى كنت فى ندوة أقامها المجلس الأعلى للثقافة من خلال لجنة القانون التى يرأسها الدكتور محمد نور فرحات، وذهبت مدعواً بصفتى أديب يدلى بشهادته، وكان معى الشاعر أحمد عبد المعطى حجازى، وقدمت شهادتى، وكان من بينها ذكر أننى استدعيت كشاهد وناقد كبير فى محاكمة الكاتب أحمد ناجى، المحبوس بتهمة خدش الحياء، بسبب نشر فصل من روايته "استخدام الحياة"، وللأسف لم أحضر فى موعدى، لأن مجمع محاكم الجلاء أشبه بالتيه، فحتى عرفت أين القاعة التى تعقد فيها المحاكمة، كانت دفوع الرفض قالت شهادتهم، ومن بينهم الكاتب الكبير محمد سلماوى، والكاتب الكبير صنع الله إبراهيم، وحضرت بداية من مرافعة وكيل النيابة، بوصفه مدعياً، واستمعت للمرافعة، وفوجئت وشعرت بالحزن، لأن المحاكمة كانت من منظور دينى متشدد أو ضيق، وفى الندوة قلت بأننى كنت كمن يسمع أحد من "داعش"، إلا أن ما قلته حينما تم نشره تم تحويله إلى تعليق على النيابة العامة، فى حين أننى لم أذكرها على الإطلاق، فكيف أتهم بأننى قلت بأن النيابة العامة أصحبت أكثر تشددًا من داعش.
وبعد فترة من نشر الندوة، وجدت وكيل نيابة يستدعينى، فذهبت، وفوجئت هناك بأنه يقوم بفتح تحقيق فى حين أننى لم أكن أتوقع أن هناك تحقيقاً كنت لأخذت معى أحد من المحامين، وبالفعل أوضحت الأمر لوكيل النيابة، وكان شديد التهذيب معى، وتعامل باحترام شديد جدًا، وبعد ذلك اصطحبنى إلى مكتب المحامى العام، وكان رجلاً شديد الدماثة، وعاتبنى بشدة على ما قيل بأننى وصفت النيابة بـ"داعش"، فقلت له إطلاقاً، وبأننى كنت أعلق على المرافعة ولم أذكر النيابة العامة.
وتطرقنا إلى الحديث، ورؤيته إلى كيفية قيامى بالدفاع عن رواية سيئة جدًا و"قليلة الأدب"، فكان رأيى أننى أدافع عن مبدأ، وأن المادة 67 تنص على أنه لا عقوبات سالبة للحريات فيما يتصل بقضايا الفكر والإبداع، ونص المادة فى الدستور حاسم وقاطع، كأنه فى ذاته قانون، ومن ثم قلت بأن سجن أديب يسىء إلى سمعة مصر، ويثير جمعيات الإنسان، والجمعيات الأدبية فى العالم، وهو ما حدث بالفعل، ومن ثم ما هى الفائدة من سجنه، فهذه الرواية لم يكن قد قرأها حوالى 100 قارئ، وما هو العدد الذى يقرأ أخبار الأدب؟، عدد محدود فى آخر الآمر، ولكن بسبب المحاكمة قرأها عدد ضخم جدًا، فبعدما كان العدد 100، أصبح هناك الآلاف من الشباب المتلهف على قراءة الفصل الخامس، وبرأيى حتى الآن، أنه لابد من الدفاع عن المادة 67 من الدستور، والمطالبة دائماً بعدم المساس بحريات الأدباء والفنانين والكتاب.
» وماذا حديث بعد ذلك؟
» انتهى الموضوع عند هذا الحد، وكنت قد قررت أننى سأكتب مقالاً، وللأسف مرت زوجتى بمضاعفات سيئة جدًا، إلى أن لاحظت بعد مرور ستة أشهر، على مواقع التواصل الاجتماعى، والإخبارى، بأن جابر عصفور قدم للمحاكمة، وهو أمر غير منافى، فلم يصلنى حتى استدعاء حضور جلسة، كما يقال الآن فى الصحف، ولكن ما وعدت به نفسى من توضيح للمسألة والحديث عن القضاء، وأننى أحترمه جدًا، وأن أتحدث عن تاريخ القضاء الذى أعرفه جيدًا، وكتبت عنه أكثر من مرة، فلا يمكن لمثلى أن يقصد إهانة القضاء، ولكن بالتأكيد فمثلما هناك قضاة أكثر احترامًا، ربما يكون هناك قضاة من الإخوان تسربوا إلى داخل الهيئة القضائية، لكن أنا لم أوجه أى اتهام لأى قاضى أو وكيل نيابة.
» وبرأيك إلى متى سيظل هذا اللبس قائمًا بين الدستور والقانون الحالى؟
» أعتقد أنه سيظل قائماً إلى أن يقوم البرلمان بدوره، لدينا دستور، وهناك مواد بعضها لم يتحول إلى قانون حتى الآن، وهذه المهمة معروضة على مجلس النواب، وأظن أنه مقصر فى هذا الجانب، وهو السبب فى هذا اللبس الذى يحدث حتى الآن، وبرأيى أن القضاء لا يلام لأنه فى النهاية هو ابن المجتمع، والمجتمع تيارات مختلفة، كما أنه يستند إلى نص قانون، وهذه المواد بحاجة إلى التغير.
» على ذكر البرلمان.. لدينا مجموعة من المثقفين فى داخله برأيك إلى أى مدى أفاد وجودهم الثقافة؟
» برأيى أن المثقفين والكتاب داخل البرلمان لم يقوموا بواجبهم بعد، وربما يكون السبب فى ذلك هو أن الأغلبية ضدهم، فمادة ازدراء الأديان عرضت على لجنة التشريع لإلغائها، إلا أن هذا الاقتراح تم رفضه بأغلبية، فى حين أن هذا القانون غامض، وسنه الرئيس الراحل أنور السادات فى ظروف معينة.
» كان للدكتور صلاح فضل رأيى بأنه سبب الرفض ربما يكمن فى طريقة عرض المقترح داعياً إلى عقد جلسات فورية لعرض أهمية الإلغاء؟
» أنا أؤيد هذه الاقتراح تماماً، وأتمنى لو يعقد البرلمان جلسات استماع للمثقفين للاستنارة برأيهم فى العديد من الأمر، لأن المثقفين فى الأساس يمثلون الشعب، وهم طليعته، وعلينا أن نستمر فى المطالبة بتنفيذ الدعوة.
» هل ترى أن المثقفين بشكل عام عليهم القيام بدور ما ملفت للأنظار؟
» الحقيقة المؤكد منها هى أن المثقفين لا يقصرون فى أداء دورهم، يكتبون وينقدون وأحياناً يهاجمون الأوضاع غير السوية، ولكن ليس كل المثقفين على هذه الشاكلة، فبعضهم يخاف، خذنى مثالاً، جابر عصفور، رجل لا يخاف إلا الله، يتم دعوته للنيابة بدون علمه بأى شىء، ولأننى على علم بهذا القضاء المحترم الذى أثق فيه، ذهبت دون أن أصطحب معى أى محامى، نحن لدينا تاريخ مشرف جدًا من القضاة، وبرأيى أن هناك العديد من الأمور التى ينبغى إعادة النظر فيها، وأن المثقفين عليهم دور فيها.
» مثل ماذا؟
» مثلاً: لماذا نخاف حتى الآن من المضى قدمًا فى تجديد الخطاب الدينى؟، ولماذا يرى البعض حتى الآن أن تجديد الخطاب الدينى هو مهمة قاصرة على الأزهرين فحسب، فى حين أنها مهمة كل مسلم عاقل مفكر يستطيع أن يجتهد فى دينه كما يشاء؟ لماذا المثقفون بعضهم أو كثير منهم لا يهاجمون السلطة الدينية التى أصبح الأزهر يزعمها لنفسه فى حين أنه ليس هناك سلطة دينية فى الإسلام؟، وما موقف الناس الآن من سعد الدين الهلالى الذى هاجت عليه لجنة كبار العلماء فى الأزهر وشبه اتهموه بالكفر بتهمة تشويه الإسلام لأنه دافع عن تأويله هو للحجاب، وبالمناسبة الرجل لم ينف وجود الحجاب، بل دافع عن مفهوم الحجاب وحاول تصحيحه، وكانت النتيجة حملة رهيبة جدًا ظلم فيها الرجل الذى لم يقل أنه لا يوجد حجاب، ولكن ما هى حدوده، وعرض الآراء المختلفة فى مسألة الحجاب، ولم يكتف بذلك، بل قدم حلقة مع الإعلامى عمرو أديب، وأظهر للناس صورة شيخ الأزهر خلال زواج ابنته أيام الرئيس جمال عبد الناصر، وابنته غير محجبة، والحجاب هذا فى رأيى الشخصى أنه بدعة وصلتنا مع ما يسمى بالصحوة الإسلامية الساداتية فى السبعينيات، وجاءنا من الجزيرة العربية، والمصريين لم يكن لديهم ما يسمى بالحجاب قبل ذلك، والحجاب هو قضية خلافية، وليس فرضًا كما يزعم البعض، هى مسألة قابلة للاجتهاد، حتى وإن كان الأزهر يصر على ذلك، فهذا رأيه، ولكنه لا يمنع آخرين من أن يدلوا بآراء مختلفة، ولا ينبغى مهاجمتهم، لأن إذا كان الإسلام نفسه فى نصوص المقدسة مسئولية تقع على الفرد " وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ" يعنى أنت مكلف من الله سبحانه وتعالى، وهو عز وجل من سيحاسبك، وليس شيخ الأزهر ولا لجنة كبار العلماء.
» على ذكر الأزهر.. كيف رأيت تصريحات الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر حول العقاد والأدب؟
» ما قاله صحيح، أنا أعرفه شخصياً، وأعرف أنه قارئ ممتاز، وفى إحدى جلسات النقاش التى كانت تعقد فى الأزهر مع المثقفين، أعطانا مقالاً من مقالات العقاد، ولكن المشكلة الحقيقة هى فى تصلب الرأى، فشيخ الأزهر مع كامل احترامنا له، والمؤسسة التى يمثلها فى نهاية الأمر هو مسئول عن اجتهاداته، وأنا كمسلم مسئول عن اجتهادى، حتى لو اختلفنا، المهم ألا أخرج عن ثواب الدين، وهى معروفة، ولكن فيما عدا ذلك، فمن حقى ومن حق المجتمع أن نجتهد، وحتى الآن لا يزال الأزهر متشبثاً بموقفه من رفض تجسيد الأنبياء فى الأفلام، فى حين أن إيران قامت مؤخراً بعمل فيلم عن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، فهل يعقل أن يترك الأزهر الشيعة يقومون بهذا الفيلم، فحين أنه هو المنوط به تقديم هذه الصورة الجيدة.
» وكيف رأيت ما قاله "الطيب" أن الهجوم على الأزهر يصب فى مصلحة داعش؟
» يا سلام.. برأيى أن الأزهر مؤسسة من مؤسسات الدولة، ينبغى أن يتقبل النقد بصدر رحب، وأن يستفيد من هذا النقد، وألا تتهم من ينتقدها.
» وما رأيك أيضًا فى قوله أن مناهج الأزهر يتم تنقحها ولكن المهاجمين يتجاهلون ذلك؟
» أين؟، فين الدليل؟.
» وهل تتابع مناهج الأزهر باستمرار؟
» إلى الآن، وحتى الآن مازال فيها ما يؤدى إلى التعصب الدينى، وأظن أنه من الممكن فى جلسة أخرى أن أقدم مجموعة من كتب الأزهر وننظر فيها.
» ننتقل إلى وزارة الثقافة.. قمت بمجموعة تغيرات فى القيادات رأى البعض أنها كارثية، مثل القيادات التى قمت بعزلها ومن ثم عادات بعد خروجك مثل الدكتور سيد خطاب، وقيادات أخرى أتيت بها مثل أحمد عبد الغنى ورأى البعض أنهم فشلوا فيما كان منتظر منهم؟
» أنا أتقبل أى انتقاد بصدر رحب، وحينما أجد نوايا حسنة النية صادقة، أنفذها فوراً، أما السيئة فلا ألتفت إليها، أما عن التغيرات فنبدأ من سيد خطاب، جاءنى كلام من اثنين من مجلس الإدارة أحدهما الكاتب الصحفى حلمى النمنم، الذى أصبح وزيراً للثقافة الآن، والكاتب طارق الطاهر، وكنت قد عينتهما فى مجلس إدارة الهيئة العامة لقصور الثقافة، وقال لى كلاهما بأن محضر مجلس الإدارة بشأن تحويل شركات المقالاوت المسئولة عن بناء عدد من قصور الثقافة إلى النيابة العامة قد عدل وتحول إلى المستشار القانونى، يعنى بدلاً من أن يكون النص إلى النيابة العامة إذا بالنص يتحول إلى المستشار القانونى، وبناءً على ذلك، قمت باستدعاء سيد خطاب، وسألته عن ذلك، وأوكلت الموضوع إلى المستشار القانونى، والمستشار القانونى الآن قاضى مهم جدًا، وأخذته برأيه فقال بأن هذا ينبغى أن يحال إلى النيابة العامة فوراً، وعلى هذا الأساس أحيل الأستاذ سيد خطاب إلى النيابة العامة، ومن ثم خرجت من الوزارة والأوراق فى النيابة العامة.
بعد ذلك، هل سحبت الأوراق من خلال وزير الثقافة؟ أو من خلال مكتبه؟ أنا لا أدرى، وكل ما أعرفه هو انه حتى الآن توجد شكوى مقدمة إليها رسمياً من وزير الثقافة، الذى لم يعد موجودًا الآن، وهذه الشكوى هى جناية تزوير، فكيف أسمح له بالوجود على رأس هيئة من أهم الهيئات؟ فكانت النتيجة إقالته بوضوح، ولست نادماً على ذلك، ولكن فجأة وبعد فترة أتى به الكاتب حلمى النمنم، والله أعلم بالأسباب.
» وهل تحدثت مع حلمى النمنم فى ذلك؟
» لا، نحن أصدقاء أعزاء، وهو فى مقام تلميذى، وأثق فيه، ومن الآداب العامة أنه بعد خروجى من الوزارة ألا أتحدث مع الوزير القادم فى أمور الوزارة.
» ألم تندهش من الموقف نفسه؟
» طبعاً اندهشت جدًا، خاصة وأنه كان من الشهود على التزوير فى المحضر، وكان حاضراً، وهو من أبلغنى، و"النمنم" موجود، وطارق الطاهر موجود، يمكنك العودة إليهما.
» وما الذى كان ينص عليه هذا المحضر؟
» كان يقول بأن هناك عدد من شركات المقاولات "فاسدة"، وخاصة الفساد المالى، وهذا الفساد المالى له علاقة بالمشروعات التى تنفذها لقصور الثقافة، وأن بعض الموظفين فى قصور الثقافة مشاركين فى هذا الفساد إلى درجة أن واحد منهم قام بعمل شركة مقاولات وكانت تعمل مبانى لهيئة قصور الثقافة، وهذا الكلام أبلغت به، قمت بتحويل الأمر برمته إلى النيابة، وللعلم، حلمى النمنم، وزير الثقافة شاهد على هذا مع طارق الطاهر، ولا أظن أن كليهما يمكن أن ينكر ذلك، ولدرجة أن طارق الطاهر أرسل لى صورة ضوئية من المحضر الذى تم تزويره، وحتى الآن طارق الطاهر لن ينكر هذا، ولا حلمى النمنم أيضًا، وبالإمكان العودة إلى المستشار وديع حنا الذى قام بالإجراءات القانونية الخاصة بإحالة سيد خطاب إلى النيابة العامة، ولكن ما الذى جرى؟، وما الذى أغلق الموضوع هل أحد وزراء الثقافة قام بإرسال خطاب إلى النيابة العامة لإقفال التحقيق؟، وعاد سيد خطاب، وهنا ليس لى الحق أن أسأل حلمى النمنم، وعلى فكرة سألته وقال لى لم تعد هناك قضية أمام النيابة العامة، كيف؟ الله أعلم، هذه أسئلة يجيب عليها.
» وماذا عن الشق الثانى من السؤال السابق؟
» الدكتور أحمد عبد الغنى، هذا واحد من أشرف وأفضل أساتذة الفنون فى مصر، وهو أستاذ فى الفنون فى جامعة حلوان، وكان مشرفاً على المعارض التى تقيمها مكتبة الإسكندرية، وقام بعمل رائع، وهو رجل شريف جدًا، وأظن أنه واجه بشجاعة شديدة الفساد فى قطاع الفنون التشكيلية، لأن هذا القطاع ملئ بالفساد المالى والإدارى، وعلى فكرة وزارة الثقافة، مثلها مثل باقى الوزارات، مليئة بالفساد، فأكبر كارثة تهدد مصر كلها "الفساد"، وأحمد عبد الغنى واجه القيادات الفاسدة فى قطاع الفنون التشكيلية، ولهذا قدم استقالته احتجاجاً على هذا الفساد، ولأننى أعرف إلى أى مدى هو رجل شريف، رجوته بأن يبقى وأن يتراجع عنها بحكم أننى فى مقام أستاذه، وفوجئت حينما قدم الاستقالة بـ 200 موظف للمطالبة بعدم قبول الاستقالة، والتأكيد على ما جاء فيها من حديث حول الفساد.
» هل أنت نادم على أى قرار اتخذته خلال توليك حقيبة وزارة الثقافة؟
» وأقول لك بكل صدق أن ما ارتكبته فى وزارة الثقافة، وأنا غير نادم عليه، هو أننى تعاملت مع الحكومة والناس على أننى رجل مثقف، ومن هنا كان لابد أن اصطدم بالأزهر، لأنه مصر على أن يكون سلطة دينية، وأنا لا أعترف بوجود سلطة دينية أصلاً، والمراجع كثيرة التى تؤكد على أنه لا سلطة فى الدين، وأن الأزهر فى النهاية مؤسسة منوط بها الاجتهاد، واجتهاد الأزهر مثله مثل اجتهاد أى مواطن عادى، إذا أصاب فلهم أجران، وإن أخطئوا فلهم أجر واحد، والاجتهاد حق، والخطأ فى الاجتهاد حق، وفى النهاية ما قمت به أمر يدعونى للفخر، فأنا لم ولن أسمح بتدخل سلفى أو سلطة للأزهريين، وكانت النتيجة أنهم أتوا بـ"واحد عنده ميول دينية .. عبد الواحد النبوى"، ونشرت المواقع السلفية أنه سيذهب إليه وفد للتهنئة، ولا أعرف هل هذا حدث أم لا؟.
ولأول مرة فى تاريخ الثقافة يحدث بما يسمى المنظومة الثقافية، وكنت قد وعدت بها الرئيس عبد الفتاح السيسى، وهذه المنظومة قائمة على أن يحدث تناغم وتفاعل بين الوزارات المختلفة المعنية بالعقل المصرى، وهذا التفاعل يقوم بضبطه وزير الثقافة.
» وماذا قال "السيسى" لك عن هذه المنظومة؟
» رحب بها جدًا، وحتى الآن لديه فى مكتبه هذه المنظومة، وبناءً على هذا، عُينت وزيراً للثقافة، ولقد وقعنا فى ضوء هذه المنظومة 12 اتفاقية مع وزارات مختلفة لها شأن بالعقل المصرى.
» برأيك لماذا لم نشعر خلال فترة توليك لحقيبة الثقافة بأثر قوى كان متوقعاً منك باعتبارك قادماً من داخلها وعلى علم بكل ما يدور فيها؟
» لأن جابر عصفور لم يستطع مواجهة نظام الفساد، بل مؤسسة الفساد تسببت فى خروجه، وهى حتى الآن أكبر من قدرة أى وزير، والقضاء عليها يحتاج وزير "راضية عنه الدولة وبتثق فيه ويكون بيضرب بإيد من حديد"، فلا بديل عن دعم الدولة، وبشرط ألا تصدق أجهزتها الرقابية، لأن هذه الأجهزة فى كثير من الأحيان تقدم تقارير غير حقيقية ولا دقيقة، و"أنا مش عايز أفتح هذا الموضوع، لأن فى أشياء كثيرة جدًا لا تقال".
» البعض رأى أن ما قمت به من افتتاحات خلال فترتك مثل المسرح القومى بـ"الافتتاحات الوهمية"؟
» غير صحيح، المسرح القومى هذا فى حد ذاته تم رغم أنف كل البيروقراطية وأجهزة الفساد، حينما أتيت وجدت قيل أن هناك موظف بدرجة وكيل وزارة مضى على شيك بحوالى 5 أو 15 مليون جنيه، وأن هذه سلطات وزير، ولما سألت عن أسباب العطلة، أتيت بشركة المقاولات، واكتشفت أن هناك فرق فى التكاليف 40 مليون جنيه، والسبب فى ذلك، هو سوء تقدير من البداية، وأن تنفيذ المسرح بأجهزة حديثة أدى إلى وجود فرق، فتحدثت مع رئيس الوزراء، وأقنعته، وحصلت على الـ40 مليون جنيه، وتم تسديد مستحقات المقاولات، وكنت أذهب لمتابعة العمل وأسهر مثل أى شاب يتابع العمل، وكنت مصراً على ذلك، وافتتح المسرح رغم أنف الجميع، وجبن البعض، وتصور أننى كنت قد عينت ناصر عبد المنعم مشرفاً على قطاع الانتاج الثقافى، مع ان درجته لا تسمح بذلك، ومن المفروض أن يقوم بالتوقيع على الشيكات، ولكنه خاف من التوقيع على ورق بقيمته 5 مليون جنيه، فقلت له "ماتزعلش" وأخدت الورق وكان عبارة عن تجهيزات وقمت بالتوقيع عليها دون أى خوف، وبهذه الروح اكتمل الافتتاح، وقدمنا مسرحية تنويرية، وبعد ذلك أردنا من محافظة القاهرة أن تقوم بالإجراءات الأمنية الخاصة بالسور، وتوقف المسرح لمدة أسابيع، ومن ثم عاد مرة ثانية بمسرحية ألف ليلة وليلة.
والأهم أيضًا هو أن تعطى للوزير وقته، وطبعاً أنا لا أطلح لهذا الآن، لكننى أتكلم من موقع المفكر، فلابد من مواجهة جذرية للفساد فى كل المؤسسات، تخيل أن مدير مكتب الوزير بإمكانه تعطيل أى أوراق، فتوقيع الوزير نفسه ممكن "يترمى فى الدرج" ولا ينفذ، هذا الفساد متراكم، هل تعرف أنه ليس من صلاحيات الوزير أن يفصل موظفًا ثبتت عليه الرشوة مثلاً، كل ما عليه أن يقوم بتحويله للنيابة، وللأسف ليس لدينا ما يسمى بالعدالة الناجزة، وبعدما يذهب الوزير ويأتى غيره، يقوم مدير مكتبه بسحب الأوراق من النيابة، وأتصور أن هذا ما حدث فى قضية سيد خطاب، ولا أظن أن حلمى النمنم، هو من فعل ذلك؟.
» وكيف تقيم أداء الوزارة فى فترة حلمى النمنم؟ وهل يحق للمثقفين إلقاء اللوم عليه؟
» أرى أنه ممتاز، ولكن فى ضوء ما يفعله، وأرى أنه يقدم أقصى ما لديه، والمسألة بحاجة إلى دعم مالى ومعنوى من الدولة "اطبخى يا جارية كلف يا سيدى"، هل تتخيل أنه من الممكن أن يقوم أى موظف صغير فى الوزارة بكتابة تقرير سرى ويرسله إلى الرقابة الإدارية ويؤخذ على حلمى النمنم، ويصبح لدى الرقابة الإدارية مستند تأخذه على الوزير، هذا نظام فساد كامل بحاجة إلى ثورة لا تقل عن ثورة 23 يوليو 1952، فثورة يناير لم تحقق أى شىء غير استبدال وجوه بجوه، فالنظام زى ما هو، والفساد زى ما هو لم يتغير.