شكا لى مقاول يعمل فى مجال مقاولات أعمال السباكة، من أنه يقوم الآن بتصفية أعمال المقاولات التى حصل عليها قبل شهور. هو مقاول صغير أعرفه جيدا، ويتقن عمله بكفاءة كبيرة، ويتحرك وفق مخطط لقوته المالية، وأكبر عملية لها بين 2 مليون جنيه أو ثلاثة ملايين جنيه قبل أن يصل الجنيه لكارثته الحالية.لديه عمالة ثابتة، بالإضافة إلى أخرى متغيرة.هو وأمثاله أساس مهم فى حركة السوق، بيعًا وشراء، وتشغيل عمالة وخلافه، لكن لماذا يقوم الآن بتصفية أعماله؟
قال لى، إنه حصل على أعمال المقاولات قبل شهور، بعضها وقت أن كان سعر الدولار الرسمى فى البنوك أقل من ثمانية جنيهات، وبعضها وقت أن كسر حاجز الثمانية بقليل، ولم يحصل عليها إلا بعد حصوله على بيان أسعار من المعارض والمحال بالبضاعة التى يحتاجها، والتى يتعامل معها دائمًا، وأجرى حساباته كلها بناءً على ذلك شاملة هامش الربح، لكنه وبعد أن حصل على مقدم مادى لأعماله كانت أحوال السوق تتغير تمامًا، فكل سلعة كان يقدم على شرائها لها سعر يومى يختلف عما قبله بسبب انفلات الدولار، وكل سعر اشترى به يزيد عن تقديره الذى وضعه وقت حصوله على عملية المقاولة، وكانت المصيبة الكبرى فور تعويم الجنيه والذى أدى إلى اقتراب سعره أمام الدولار من العشرين جنيه، مما أعجزه تمامًا عن شراء أى شىء.
تكبد صاحبنا بهذا الوضع خسائر فادحة التهمت معظم مدخراته، ووقت أن تحدث معى بشكواه كان يدبر نحو 300 ألف جنيه يدفعها كشرط جزائى لتخليه عن عملية قيمتها 2 مليون جنيه، حيث رأى أن دفعه لهذا المبلغ أرحم مما سيتكبده لو قام بتنفيذها، وقرر التوقف لأنه لم يعد يتحمل، بما يعنى وقف حال عمال لديه.
حالة صاحبى ليست فردية تخص شخص، ولم تعد تقتصر فى مأساتها على هذا القطاع من المقاولين، وإنما تمتد إلى ما هو أكبر، والدليل ما قرأناه فى الإعلانين الكبيرين المنشورين فى صحيفتين يوم الثلاثاء الماضى، بعنوان: «استغاثة إلى فخامة رئيس الجمهورية ورئيس المجلس الأعلى للاستثمار بشأن التبعات التى نشأت نتيجة تحرير سعر صرف العملات الأجنبية»، وتقدم به: جمعيات مستثمرى العاشر من رمضان، و6 أكتوبر، والعبور ومدينة السادات ومنطقة عتاقة الصناعية بالسويس، وسوهاج وبنى سويف وأسوان وأسيوط.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة