كيف عرفت الفتاة أن 3 شباب اغتصبوا «كلبة» وانتهكوا شرفها ولوثوا سمعتها؟
نحيا زمنًا شبيهًا بنفس زمن الجاهلية، صار فيه الإنسان يسلم إرادته وعقله لكائنات خرافية، افتراضية، وسار خلفها كالقطيع، يصدق الخرافات، ويشكك فى الحقائق، ويخشى الغول، ويؤمن بوجود ديناصورات تعيش بيننا حاليًا.
زمنًا أصبح فيه القابض على وطنيته، كالقابض على جمر من النار، فالمساند والداعم لوطنه ومؤسساتها، يصبح متهما بـ«ازدراء الخونة»، وأنه «مطبلاتى» و«عبيد البيادة» و«كلب السلطة»، فى الوقت الذى تحول فيه الخائن الداعى دائمًا لإثارة الفوضى والتخريب، والقتل والتدمير، إلى ثائر نقى وطاهر نقاء الثوب الأبيض من الدنس، وناشط سياسى لا يشق له غبار، وتلاحقه وسائل الإعلام المختلفة لاستضافته.
زمنًا جعل من مواقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك» و«تويتر» آلهة، لها ديانتها العجيبة والغريبة، والمبشرة بكل ما هو مخرب ومدمر، جوهرها الكذب ونشر الشائعات، واغتيال سمعة الشرفاء، وضرب الاستقرار، وإثارة الفوضى، والتشكيك فى الحقائق والمشروعات المهمة، وإثارة البلبلة بين الناس، وللأسف استغل هؤلاء «الآلهة» أمية وطيبة كثير من المصريين لاعتناق ديانتهم المخربة والمدمرة، وتصديقهم، والسير خلفهم من خلال إعادة «تشيير البوستات على فيس بوك» و«الريتويت على تويتر».
وتجبرت «آلهة» السوشيال ميديا، بطريقة أصبحت تهدد بضرب استقرار المجتمع، ونشر الارتباك الشديد بين الناس، وهى الحالة التى عاشها المجتمع اليونانى إبان عصر «السفسطة»، عندما سيطر مجموعة من الفلاسفة، يتمتعون بقدرات خطابية وثقافية مبهرة، واستغلوها فى الترويج لأفكارهم فى «الشك» فى كل شىء، والعمل على الشىء ونقيضه، وهو ما دفع المجتمع اليونانى إلى حالة الانهيار، فانقلبوا على السفسطائيين، وقتلوهم جميعًا.
«آلهة» السوشيال ميديا، وصل بهم الأمر من التجبر أن جعلوا «البنى آدمين» يغتصبون الكلاب، حيث انتشرت خلال الساعات القليلة الماضية، قصة اغتصاب 3 شباب «كلبة»، وانتشرت هذه الرواية المغلوطة والمقيتة والسمجة انتشار النار فى الهشيم، وتعاطف المئات مع الكلبة التى انتهك شرفها، وطالبوا بالقصاص الذى يصل إلى حد «الرجم»، باعتبار الشباب «زناة».
أى عبث الذى نعيشه حاليًا لدرجة أن تجد أناسًا يصدقون رواية أبعد من الخيال، وأن 3 شباب اغتصبوا وانتهكوا «شرف الكلبة»، دون أن يسأل أحد عددًا من الأسئلة، من عينة: كيف عرفت الفتاة التى روجت قصة اغتصاب «الكلبة» أن الذى اغتصبها 3 شباب؟، وإذا افترضنا جدلًا أن الواقعة صحيحة فأين وقعت، هل فى الشارع، أم فى شقة، أم فى مكان مهجور، أم فى الزراعات على أطراف العاصمة؟، وهل اختطفوها تحت تهديد السلاح الأبيض فى «توك توك» أم على دراجة بخارية؟، وهل بيولوجيًا يستطيع بنى آدم اغتصاب «كلبة»، ضامنًا ألا تعضه فى مكان حساس؟، وهل الكلبة تحدثت للفتاة وأخبرتها عما حدث معها بأدق التفاصيل؟!، وهل أرشدت عن الجناة المجرمين وأدلت بتفاصيل دقيقة عن أشكالهم ومواصفاتهم؟!
قصة الكلبة المغتصبة تؤكد أن العبث وصل إلى مداه على مواقع «التدمير الاجتماعى» «فيس بوك، وتويتر»، وأنها أصبحت «مراحيض عامة»، كل يلقى بنفايته فيها، دون الوضع فى الاعتبار مدى مخاطر ما نلقيه على عقول المصريين، وتسميم أفكارهم.
الواقعة يجب ألا تمر مرور الكرام، وأن يقف أمامها الجميع، الدولة بمؤسساتها، والمجتمع بجميع تنويعاته وثقافاته، لوضع حد لمثل هذه الترهات، واللعب بعقول المصريين، خاصة الشباب والمراهقين، وعدم تصديق ما يتم نشره على مثل هذه المواقع الكارثية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة