لو لم أر التسجيل المصور الذى يرصد الواقعة لما صدقت أن يصدر هذا الأمر من مسؤول كبير فى بلد كبير، لكنى للأسف رأيت ذلك المقطع الذى نشره موقع «اليوم السابع» والذى يوضح تلك الواقعة، فالسيد محافظ بورسعيد كان يقوم بجولة، يوم الجمعة الماضى، قابل فيها مواطنا ظن أنه حينما يبث «للمسؤول» شكواه فإن المسؤول سيحقق فيها أو يتجاوب معها بأى شكل، وهذا الظن هو ما جعله يجهر للمحافظ بالشكوى قائلا، إنه كلما يذهب لشراء كيلو سكر يجد أن سعر الكيلو زاد جنيها حتى اضطر إلى شرائه بـ«14 جنيها» وهنا جن جنون السيد المحافظ، وقال له: «والله ما هسيبك» و«أنت إخوانى» زاعما أن الكيلو يباع بـ7 جنيهات فقط ثم كلف وكيل مديرية التموين ببورسعيد باصطحاب المواطن إلى أحد الأسواق الذى يباع فيه السكر بذلك السعر، فاصطحب الرجل إلى أحد منافذ توزيع السكر بنقاط الخبز التابعة للحكومة، وهو أمر فى غاية الغرابة، أغرب من قيام شخص ضاع منه جنيه فى شارع مظلم فبحث عنه فى شارع شارع مضاء، فكيف يشتكى المواطن من جشع التجار وبدلا من أن تحقق الحكومة فى سعر بيع السكر عند التجار تنفى الأمر برمته، مستعينة بسعر كيلو السكر فى منافذها ومجمعاتها الاستهلاكية؟
لو كانت الشكوى من ارتفاع الأسعار ستضع الشاكى فى زمرة الإخوان فسنجد الشعب كله يجاهر بالقول «أنا إخوان» عشان حضرتك تبقى سعيد يا محافظ بورسعيد، وللأسف تلك الواقعة تمنحنا إجابة شافية على السؤال القديم: كيف يتعامل المسؤولون مع شكاوى المواطنين؟ وللأسف فقد شوه هذا المسؤول بهذا الرد كل ما تحاول الحكومة ترسيخه من إجراءات أو نوايا للتخفيف عن المواطنين، ولو كلف المحافظ خاطره وذهب إلى أى سوبر ماركت «كبير» سيجد أن السعر المعلن لكيلو السكر هو 12.5 جنيه، لكن المحافظ لم يفعل هذا، ولم يفترض حسن نية المواطن الذى يتعرض يوميا للابتزاز والاستغلال من جانب التجار، ولجأ إلى أسهل طريقة أو قل أقرب شماعة ليعلق عليها فشله وهى «الانتماء للإخوان» فى حين أن مواطنا على أرض مصر يدرك تمام الإدراك أن «جشع التجار» أصبح معلما أساسيا من معالم مصر، مثله مثل النيل والأهرامات وأبو الهول، حتى إن الرئيس عبدالفتاح السيسى اعترف بهذا فى أحد خطاباته، مؤكدا أن ضعف آليات رقابة الأسواق هى السبب، فهل الرئيس أيضا «إخوان»؟