هل يهب على المنطقة ربيع عربى آخر؟ سألنى عبدالله حميد المذيع براديو سبوتنك الروسى، فقلت له لم يكن ربيعا وإنما جحيما خلف فى المنطقة دمارا وخرابا، وفكك دولها وشرد شعوبها، واكتشفت الشعوب العربية بنفسها، كذب المزاعم الأمريكية التى بشرتها بجنة الديمقراطية وحقوق الإنسان، وحولتها إلى حقول تجارب لأسوأ أنواع الحروب الدينية، ولم يعد فى الجسد العربى مكانا يتحمل مزيدا من ثورات الربيع، وإذا حدث فتلك مقدمات الانهيار التام.
الأمم المتحدة تتوقع جولة أخرى من ثورات الربيع العربى، وأصدرت تقريرا مؤخرا عن التنمية العربية، نشرته مجلة الإيكونميست البريطانية، اشارت فيه إلى أن «الشباب العربى يميل أكثر للاحتجاج، كما أن حركات الاحتجاج العربية تميل إلى تكرار حدوثها كل خمس سنوات، حيث ارتفعت الاضطرابات فى شمال أفريقيا فى الأعوام 2001 و2006 و2011، وفى كل مرة تصبح أكثر اضطرابا عن سابقتها.. ويبدو أنه قد حان موعد جولة أخرى».. ويرجع ذلك إلى تدهور الأحوال المعيشية، وتراجع آمال وطموح الشباب، بسبب الفقر والبطالة والتهميش.
قلت لمذيع الراديو الروسى، إن مصر تبذل قصارى جهدها، لإزالة آثار الربيع العربى، التى أدت إلى الأوضاع الاقتصادية الصعبة التى تمر بها الآن، وأهمها أن كثيرا من الشباب أدركوا أن ممارسة السياسة بجانبها السلبى، هى أقصر طريق لتحقيق النجاح المادى والمعنوى، فلجأوا إلى أساليب التظاهر والعنف والاحتجاج، وظهر مصطلح «ناشط سياسى»، وإذا سألته ماهى مهنته يعجز عن الجواب، فأصبح التحدى هو إعادة دمج الشباب فى منظومة العمل والإنتاج، فالتنمية المستدامة لا تحتاج نشطاء، وإنما حرفيين ومهندسين وأطباء وعلماء مهرة، يغيرون شكل الحياة.
الأمم المتحدة تتوقع جولة أخرى من الربيع العربى، ولكنها لم تحدد أين ولا كيف، ويقول تقريرها «الأمر مرعب، فعلى الرغم من أن العالم العربى وطن لـ%5 فقط من سكان العالم، إلا أنه ينتج %45 من الإرهاب فى العالم، و%68 من الوفيات الناجمة عن معاركه، و%47 من النازحين داخليا و%58 من اللاجئين. وأن الحرب لا تقتل وتشوه فقط، ولكنها أيضا تدمر البنية التحتية الحيوية بما يسرع من تفكك الدول».
هل يهب على المنطقة ربيع عربى آخر؟ الإجابة، فى اعتقادى، هى أن مصر خرجت من حزام الربيع العربى، وعليها أن تستكمل تحصين نفسها ضد كل الأسباب، التى أدت إلى الموجة الأولى.