بينما يحقق الجيش العربى السورى انتصارات كبيرة على الميليشيات الإرهابية المدعومة من قطر والسعودية وتركيا, فى حلب وإدلب ودير الزور وتخوم دمشق، وكذلك الميليشيات الأخرى المدعومة من واشنطن، التى يجرى وصفها فى وسائل الإعلام بالمعارضة المسلحة المعتدلة، وبينما يرى كثير من المراقبين أن المشروع الأمريكى فى سوريا انتهى بهزيمة قاسية أمام الأسد وحلفائه الروس والإيرانيين وحزب الله، فاجأ أوباما العالم بالورقة الإسرائيلية، وتحركت القاذفات من القواعد الإسرائيلية لتقصف دمشق ومطار المزة العسكرى.
القصف الإسرائيلى الفاجر لأهداف داخل سوريا انطلاقًا من الأجواء اللبنانية، لن يحرك المجتمع الدولى ومنظماته المتهالكة، كما لن يوقف التقدم السورى الرسمى باتجاه تصفية الميليشيات والمرتزقة، الذين يحاربون تحت رايات ولافتات عدة، فالحرب كما يرى كثير من المراقبين فقدت عناصر استمرارها وكثير من الجهات الداعمة، التى تترقب موقف الساكن الجديد للبيت الأبيض.
الغريب، أن هذا التحول الدرامى العنيف فى الحرب السورية، يحدث بينما يتحاور جون كيرى وسيرجى لافروف فى بروكسل حول الملف نفسه، مما يعنى أن أوباما قرر إلقاء كرة النار فى حجر ترامب قبل رحيله عن البيت الأبيض وإجباره على استكمال معالجة الملف السورى وفق المحددات، التى تبنتها الإدارة الديمقراطية، إشعال سوريا مترا مترا واستهداف كل مواطن على الأرض بحيث تتحول الدولة السورية إلى حريق كبير يستحيل العيش فيه، ويتحول مواطنوها إلى قتلى أو لاجئين فتفقد الدولة مقوماتها ويتحقق مشروع إسقاط الأسد، وتفكيك الدولة إلى دويلات إثنية وطائفية ومحاصرة تمدد الروس شرق البحر المتوسط وقطع خطوط التواصل بين طهران وحزب الله.
هل يتحرك ترامب بقوة الأمر الواقع، الذى يحاول أوباما وفريقه الديمقراطى فرضه على مختلف الملفات الداخلية والخارجية قبل رحيله ومنها بالطبع الملف السورى؟ أم سيتجه إلى التأكيد على ما أعلنه فى السابق من أن خياراته مختلفة عن المشروع الديمقراطى الفاشل، والذى راهن على الميليشيات الإرهابية لتدمير المنطقة العربية وصنع حلفاء جدد، بدلا من الدول المستقرة بصورتها التقليدية؟
الأيام المقبلة ستكشف طبيعة تحرك الإدارة الجمهورية الجديدة، هل ستقع فى فخ أوباما وتتحرك بالقصور الذاتى وفق المشاريع الديمقراطية، أم سيكون لها مواقفها، التى عبرت عنها رؤية ترامب وفريقه من الصقور الجدد فى البيت الأبيض؟
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة