المكان: مكتبة الإسكندرية.. الزمان: السابعة مساء.. الحالة: آلاف من الشباب والعجائز يصطفون أمام أبواب المكتبة للدخول إليها.. العنوان: «أنا موهوب».. البطولة: مجموعة شباب سكندريين جمعهم حب العمل والقيمة المضافة للمجتمع رغم أن أغلبها معطل.. القيمة المضافة: أطفال من ذوى الاحتياجات الخاصة بمختلف أنواعها ما بين فقدان للبصر أو السمع أو يعانون من متلازمة داون وكلهم يتبعون دور أيتام أو رعاية خاصة بالإسكندرية.
الحكاية: منذ خمس سنوات جمع نادى أبوللو، وهو أحد أندية الليونز بالإسكندرية الخاص بالشباب، مجموعة شابة قررت أن يكون أحد أهدافها البحث عن المواهب وصناعة البطل ولكن ليس من عالم الأسوياء ولكن من بين المنسيين فى مصر، ذوى الاحتياجات الخاصة، فذهبوا ينقبون بين دور الرعاية والأيتام والجمعيات الخاصة عن أطفال يحملون الموهبة رغم الإعاقة واختاروا مجموعات راحوا يدربونها على الغناء والرقص والتمثيل والرسم. ورغم أن هؤلاء الشباب ليسوا مؤهلين للتدريب ولا دارسين للتعامل مع الحالات الخاصة إلا أنهم بحب وعزيمة جارفة للفكرة استطاعوا أن يرتبوا لبرنامج كامل لحفل يضم كل أنواع الفنون أبطاله أطفال ذوى احتياجات، خاصة فكان الحفل الأول. ثم توالت السنوات وصار موعداً ثابتاً لدى هؤلاء الشباب ومواهب الإسكندرية ذوى الاحتياجات الخاصة لحفل سنوى يتغير فيه الأبطال على المسرح من طفل لآخر، ومن مجموعة لأخرى، ولكن تظل ذات الوجوه الشابة المدربة نفسها تجلس عند حافة المسرح تحت أقدام الأطفال لتوجههم بوجوه محبة مشرقة. هؤلاء الشباب لا يدعمهم رجل أعمال ولا وزارة ولا مسؤول كبير ويعانون معاناة كبيرة، من أجل أن يقيموا هذا العرس الفنى السنوى ويدوخون السبع دوخات لدى مكتبة الإسكندرية وغيرها ليقيموا حفلاً، من أجل أن يثبتوا أن هؤلاء الذين يقولون عنهم معاقين هم موهوبون، وكل ما يحتاجونه فقط اهتماما وحبا كفيلا بأن يفجر طاقاتهم.
نحن أمة لا تدرك قيمة أصحاب الإعاقة كما يطلق عليهم العامة، بل كثير من الأصحاء يعتبرونهم عبئا على كاهل الدولة، صحيح أن هناك مادة فى الدستور الجديد وضعتهم بين قوسين، ولكن على أرض الواقع نحن أمة ظالمة لهم ظالمة لنفسها لأننا لا ندرك قيمة مضافة لقوتنا لو أردنا، فى مصر الآن صرنا نفتقر لبطولة رياضية دولية إلا من ذوى الاحتياجات الخاصة، أما الأصحاء فهم بلا إنجاز إلا على الشاشات والبرامج الرياضية وكثير من الكلام وقليل من الفعل.
«أنا موهوب» حدث سنوى سكندرى شبابى فنى لا يحظى ببريق حفلات أخرى ولكنه يمنح الإسكندرية برغم كل ما فيها من حفر وعثرات ووشوارع مهملة وشواطئ احتلها القبح، وحده حفل أنا موهوب يمنحها الجمال والسكينة والحب الدافئ فى برد الشتاء..
ادعموا المعاقين كما تقولوا عنهم فيبدو أنهم أجمل وأقوى ما بقى فى هذا الوطن.