أكرم القصاص - علا الشافعي

يوسف أيوب

هل يؤمّن الخليج احتياجات بريطانيا قبل «البريكست»؟

الجمعة، 09 ديسمبر 2016 11:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
من الهند إلى البحرين، تحاول رئيسة الحكومة البريطانية، تيريزا ماى، توفير مصادر جديدة للاستثمار، تحاول من خلالها تأمين بلدها بعد الانتهاء من إجراءات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى، فلندن التى قالت كل التقارير الاقتصادية إنها ستعانى معاناة شديدة بعد «البريكست»، تبحث عن تحالفات جديدة توفر لها الملاذ الأمن.
 
حاولت فى الهند لكنها اصطدمت برغبة الحكومة الهندية فى رفع القيود على منح تأشيرات الدخول للهنود إلى عاصمة الضباب، وهو قرار لم تستطع تيريزا ماى الموافقة عليه، لأنه أكبر من قدراتها ومهمتها المؤقتة، فالبريطانيون الذين اختاروا الخروج من النادى الأوروبى كان مبررهم هو غلق الباب أمام سياسات الهجرة الجديدة التى كانت تسعى لها بعض الدول الأوروبية، وعلى رأسها ألمانيا، لاستيعاب الكم الكبير من المهاجرين الشرق أوسطيين، خاصة القادمين من روسيا، فمن غير المعقول أن يرفضوا ذلك ثم توافق الحكومة المؤقتة على فتح باب التأشيرات أمام الهنود، حتى وإن كانوا متفوقين تكنولوجيًا وتحتاجهم بريطانيا حاليًا.
 
الخليج العربى كان المحطة التالية لتيريزا ماى، وكانت القمة الخليجية التى عقدت يومى الثلاثاء والأربعاء الماضيين بالبحرين فرصة مناسبة لتحقيق هدفها، وهو الاتفاق مع قادة الخليج على إطلاق «شراكة استراتيجية» فى المجالات الأمنية والسياسية والتجارية، فقد وصلت تيريزا ماى إلى البحرين، وأمامها إخفاقها فى رحلة الهند، فبدأت فى إطلاق التصريحات السياسية التى تطمئن الخليجيين، القلقين أيضًا من الأوضاع الدولية المتقلبة، خاصة بعد وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، وهو الشخص الذى يخشاه خليجيون، ويعتبرونه شرًا لهم، وهو ما انتبهت له تيريزا ماى، ولعبت على هذا الوتر جيدًا، فأطلقت شعار «أمن الخليج من أمن بريطانيا»، وقالت: «أمن الخليج الآن هو أمننا، لذا نحن نستثمر هناك، ولا يتعلق الأمر بالقوة العسكرية فقط، إذ ينبغى علينا العمل معًا للرد على التهديدات المتنوعة، ولذلك سنتوصل إلى اتفاقات تعاون جديدة لمنع التشدد ومعالجة الإرهاب».
 
لعبت تيريزا ماى على المخاوف الخليجية، فقالت: «سنؤسس مجموعة عمل مع دول المنطقة لمكافحة تمويل الإرهابيين، وستمد بريطانيا دول الخليج بثلاثة من الخبراء فى مجال الإنترنت، لمساعدتها فى التعامل مع التطرف»، كما أعلنت أن بريطانيا ستنفق 3 مليارات جنيه إسترلينى على مشروعات دفاعية فى منطقة الخليج، وذلك على مدى السنوات العشر المقبلة، وحددت المخاطر التى تواجه الخليج وتتطلب التكاتف البريطانى معها، وأهمها بالطبع مشكلة تنامى الدور الإيرانى فى المنطقة، حيث أعربت عن قلقها من التهديدات الإيرانية لمنطقة الخليج، كل ذلك بهدف واحد، هو تأمين شركاء تجاريين جدد يكون بيدهم إنقاذ الاقتصاد البريطانى بعد الخروج من السوق الأوروبية المشتركة.
 
وفقًا لما قالته الحكومة البريطانية، فإن هناك فرصًا للشركات البريطانية تقدر قيمتها بـ30 مليار جنيه إسترلينى، للاستثمار فى 15 مجالًا مختلفًا فى دول الخليج، خلال السنوات الخمس المقبلة، وهو هدف مهم تسعى لندن إلى الوصول إليه بجميع السبل، وهناك عين بريطانية على قضية مهمة، أشارت لها تيريزا ماى حينما قالت: «إن الإنفاق العسكرى فى الخليج أكثر من أى منطقة أخرى بالعالم»، إذ بلغ إنفاق عام 2016 فى السعودية وحدها 87 مليار دولار، أى ما يعادل %13.7 من ناتجها المحلى، لتحل بهذا الرقم ثالثًا بعد الولايات المتحدة الأمريكية، وروسيا، فهى تريد زيادة صادرات الأسلحة البريطانية لدول الخليج، التى تعد سوقًا مهمة، فى ظل ما تواجهه منطقة الخليج من تهديدات إيرانية وإرهابية دفعت دول المنطقة إلى زيادة ميزانية الدفاع الخاصة بها.
 
الخلاصة كما أراها، أن الحكومة البريطانية «المؤقتة» تسعى إلى إيجاد ترتيبات اقتصادية تؤمن لها خروجًا مستقرًا من الاتحاد الأوروبى، وتسعى الآن لاستغلال المخاوف الخليجية من أمريكا- ترامب، فهى فى الأساس لا تتشارك مع دول المنطقة- خاصة الخليج- مشاكلهم وهمومهم، سواء فيما يتعلق بالإرهاب أو إيران، لكن الحاجة دعتها إلى الظهور بهذا الشكل، وهو أمر أعتقد أنه مؤقت لحين تأمين ما تحتاجه من دعم اقتصادى خليجى.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة