أكرم القصاص - علا الشافعي

سهير جودة

إعلام المقاولات

الخميس، 11 فبراير 2016 03:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يبدو أن بعض الإعلاميين وبعض القنوات لديها إفلاس كامل من القيم ومن المهنية ومن الاستنارة، فالشهرة والملايين هى القيمة الوحيدة التى يعرفونها، والوصول إلى مجلس الشعب قيمة مضافة، ويكذبون على أنفسهم وعلى الناس ويزعمون أنهم أصحاب رسالة، وأن عقولهم عامرة بالعلم والوعى، وبالتالى يلعبون على بساطة وعى الأغلبية ممن يتعاطون الفرجة على الشاشات ليل نهار.
وكأنهم أخذوا على عاتقهم تسطيح الفكر المسطح أو غير الموجود، وتغييب وتضليل إضافى للعقل الغائب أو المضلل، وكما نجحت أفلام المقاولات فى ضخ الأموال إلى جيوب أصحابها، فكان لابد من اعتماد هذه الخلطة فى البرامج والقنوات ليصبح لدينا أيضا إعلام مقاولات، البعض منه يمتلك حصانة تحت قبة البرلمان.
هذا الإعلام قائم على فكرة أن العين تعشق كل قبيح فأصبح الابتذال بأشكاله أسلوب إعلام.
ولأن الشهرة والملايين أصابت البعض بالحول فى النظر للأمور، فالنتيجة أنهم يذهبون بالمجتمع إلى الوحل.
ينجحون بالمقاييس التجارية ويفشل الوطن فى تنمية الوعى، وفى تشكيل الوجدان بالتنوير، وفى الخروج من نفق الجهل والخرافة إلى نور العلم والمنطق والحجة والأدلة.
نور الشهرة لأصحابها نار تحرق الوطن، لتسود قيم الدجل والانشغال بالتوافه وتضخيم الكوارث والبحث عن خلاص من العفاريت والأمراض. 
ما معنى أن يقذف الإعلام فى وجهك على مدى حلقات متتالية بمجانين شهرة، ويزعمون قدرتهم على الشفاء من جميع الأمراض بعون الجان، بما فيها السرطان، وأنهم قادرون على علاج المس والربط على اعتبار أنها حقيقة دامغة، وما معنى أن تعتمد قناة تقدم الأغانى على الإعلانات الخاصة بهؤلاء الدجالين، وما معنى أن نفاجأ بسيل من القنوات لا يقدم شيئا سوى إعلانات التضليل إذا لم يكن سعار الإعلانات والشهرة فماذا يكون وما عقلية من يقدمون ذلك؟!

إنها عقول خاوية من الوعى، ومن الصدق، ولا تحب سوى جمع الأموال، حتى لو بهذه الطرق الرخيصة، وكيف تترك الأجهزة الرقابية هؤلاء البشر ينطلقون علينا بأكاذيبهم، وكيف تترك إعلانات الترويج للدجالين من خلال أفلام مصورة تنتمى لفئة البورنو الأخلاقى قبل الجسدى، إحدى هذه القنوات مع كامل الأسف يمتلكها حفيد الزعيم جمال عبدالناصر.
وأصحاب الإعلانات المدمرة يضفون الهالة على أكاذيبهم بالتاكيد أن الشيخ فلان والشيخة فلانة من المغرب، وهم الأجدر والأشهر والأقدر وأصحاب المعجزات فى تخليص البشر من كل الأوهام والأمراض والأعمال السفلية المستدامة من قبل الجان، وربنا يجعل كلامنا خفيف عليهم!!
وإذا كانت الأجهزة الرقابية، ووزارة الاستثمار، والداخلية، لا سلطة لها على قنوات تبث من خلال أقمار أخرى، فماذا عن القنوات التى تبث من النيل سات؟! ماذا فعلوا أمام هذا الطوفان من قنوات معروفة وشهيرة وتبث سموما كاملة الدسم؟! هذه الممارسات هى من أقوى وأشد خطرا من أشياء كثيرة ننفق فيها الوقت والجهد والسادة الباحثين عن الشهرة من خلال إقامة الدعاوى القضائية.

ألا يعتبرون هذا النوع من الإعلان والبرامج ازدراء للدين والناس والقيم، أم أن المختل لا يرى المختل مختلا، فتجار الوطنية يتلاقون مع تجار الدين ويظنون أنفسهم علماء وأوصياء على الناس والوطن، وانضم لهم الآن تجار إعلام يتحالفون مع هؤلاء الأدعياء ليغلف كل باطل بغلاف دينى، والجميع يتحالف مع شيطان الشهرة، ولماذا يلتزم الأزهر الصمت أمام عبث ودجل الرقية الشرعية والأعمال السفلية.

الإعلان حوّل الإعلام إلى سلعة، فأصبح قيمة ومكانة مقدمى البرامج تتوقف على قيمتهم المادية، وهذا تسليع صارخ، وكأننا فى عودة إلى عصر الجوارى والتسويق لهم باعتبارهم سلعة، فإذا نجحت فى جذب المعلنين دخلوا بورصة الملايين والشهرة، واذا أخفقوا فلا يلومون إلا عقولهم وقيمهم، وبالتالى أصبح الإعلام يفتح أبوابه، إما على التضليل والجهل، أو إشاعة اليأس والابتذال والعهر، ويوصدها فى وجه العلم والتنوير والقيم والإيجابية.

فكلما كنت مثيرا جاءت إليك الإعلانات تسعى، وكلما زادت الإثارة تصبح ملكا، فالبضاعة الرديئة لها السطوة والسلطة.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 1

عدد الردود 0

بواسطة:

احمد المالح

العلم والمال

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة