الجميع يترقب خطاب الرئيس السيسى أمام البرلمان، أول رئيس منتخب بعد ثورة 30 يونيو، يقف أمام مجلس النواب المنتخب بعد وضع دستور لجنة الخمسين، فماذا يمكن أن يقول، وما هى القضايا والمشكلات التى يمكن أن يصارح بها نواب الشعب وممثلى الأحزاب؟ وماذا يتوقع نواب الشعب من الرئيس؟
لو كنت مكان الرئيس لتجاهلت دعوات الاعتصام والإضراب للأحزاب الكرتونية ذات الصوت العالى وعدد المقاعد القليلة، أو التى لم تحظ بأى تمثيل برلمانى، ومع ذلك تثير الكثير من الضجيج والمعارك المفتعلة فى الندوات والمؤتمرات، فهذه الأحزاب الفاشلة لا تنتج إلا نوعا من «المعارضة المعلبة»، أو «كليشيهات المعارضة»، فتجدها تردد نفس المقولات والشعارات التى كانت ترفعها منذ عشر سنوات أو منذ خمس سنوات، لا فرق، لأن كوادرها وقياداتها لا تدرك مخاطر اللحظة الراهنة، ولا أولويات القضايا التى يمكن أن تتبناها أو تعارض على أساسها الحكومة والنظام.
لو كنت مكان الرئيس، لسألت أعضاء مجلس النواب نائبا نائبا، لماذا ترشحت لهذا المجلس لتكون نائبا عن الشعب؟ وما هى أجندتك التشريعية؟ وماذا ستقدم للناس الذين انتخبوك؟ وماذا تعرف عن المخاطر التى تواجه البلد؟ وما موقفك من الحروب التى تخوضها البلد فى مجالات الأمن والاقتصاد والتنمية والسياسة الخارجية؟ وكيف سترد عن البلد حملات التشنيع والتشويه والحرب المفتوحة وأنت ستمثل البلد فى فعاليات خارجية وستلتقى ممثلين عن برلمانات العالم؟
لو كنت مكان الرئيس لطلبت من مجلس النواب أن يعرفوا كيف يتعاملون مع مؤسسات الدولة فى حروبها المفتوحة، وأن يرتقوا إلى مستوى اللحظة الصعبة، مثلما فعل البرلمان الفرنسى مع الرئيس هولاند، بعد أحداث باريس الإرهابية، التى لا تقارن طبعا بالحرب التى تخوضها أجهزة الدولة عندنا ضد إرهاب الإخوان وحلفائهم من الجماعات المتطرفة والمرتزقة المتسللين من حدود الوطن الأربعة.
لو كنت مكان الرئيس لطالبت نواب الشعب بتنقية التشريعات التى تضمن تحقيق العدالة الناجزة، فليس من المعقول أن يحاكم الإرهابيون بالسنوات فى جرائم قتل جماعية، دون أن يطالهم القصاص العادل، لمجرد أن المحامين ينجحون فى عرقلة الإجراءات القضائية، أو أن تتعطل مصالح البلاد والعباد بإجراءات لا تنتهى.
لو كنت مكان الرئيس، لطالبت نواب الشعب بوضع تشريعات اقتصادية تراعى الجانب التنموى، وتساعد المسؤول التنفيذى على اتخاذ القرارات بسرعة، وتحقق العدالة الاجتماعية دون أن تخل بالتنافس الطبيعى والطموحات المشروعة لأصحاب رؤوس الأموال.
لو كنت مكان الرئيس لطالبت البرلمان ونوابه بإحكام الرقابة على أداء الحكومة، لأنه دور مهم وضرورى لاستقرار البلاد ونجاح السياسات التنموية التى تتبناها الدولة لصالح محدودى الدخل والفئات المهمشة، بالإضافة إلى وضع التشريعات التى لا تسمح بظهور الفساد فى مؤسسات الدولة ومحاسبة الفاسدين.
لو كنت مكان الرئيس لطالبت من السياسيين جميعا أن يرتفعوا إلى مستوى التحديات التى نواجهها، وأن يغلبوا النوازع الوطنية والمصلحة العامة على الطموحات الشخصية والمطالب الفردية، وأن يتجاهلوا المعارك التافهة التى تثور وتتوالد وتتضخم فى وسائل الإعلام ولا تعكس إلا تفاهة وصغر مثيريها والمتورطين فيها.
لو كنت مكان الرئيس لقلت للسياسيين الصغار والحنجوريين ومدمنى المعارضة لأجل المعارضة: «من فضلكم اكبروا شوية.. البلد محتجانا كلنا».
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة