اعتداء أمناء الشرطة على الأطباء الشبان ليس حادثًا عارضًا لا يستوجب الوقوف عنده فهى تراكمات لأخطاء مجتمعية لا ينبغِ أن تترك هكذا بلا علاج، فهذه الحادثة بمثابة نذيرين مهمين فى دولاب الحياة اليومية لمجتمع مهترئ عليه أن يلم أشلاءه ليصلح من نفسه كى ينصلح حاله وهما وضع وصورة الطبيب الذى هو مثال للإنسان المطحون ذى المهنة الإنسانية السامية الذى أفنى شبابه بين جنباتها وأروقة مستشفياتها ومكتباتها وقاعات الدرس منها وأمضى صبحه وليله يخدم مريضًا معوزًا فى أحلك الظروف لم توفر له الدولة معشار ما يحتاجه لأداء عمله لا ينتظر إلا كلمة شكر ودعوة لا ترد وبالرغم من ذلك ناله التشويه الممنهج على مدى عقود فقد تعمدت الميديا بكل صنوفها تشويهه حتى صورته أما الشيطان عدو البشر أو المتخلف عقليًا واجتماعيًا واستعدت عليه كل طبقات المجتمع لا لسبب إلا لأنه تفوق علميًا عن غيره وكأن هناك ضغائن لكل ما هو متفوق فرأت أن عليها أن تحط من قدره؛ مع من تعمدت الحط من قدورهم أيضًا لتفوقهم علميًا وفكريًا؛ بدلاً من أن تنصفه وتمنحه جزءًا من حقه المهضوم فى منظومة صحة مجحفة لا مثيل لها فى الدنيا! أو ربما يكون الهدف هو التبرير لعدم إنصافه لوجود نية بقاء وضعه ووضع المنظومة على ما هو عليه بمعنى أنه لا نية حقيقية للإصلاح أو لعله لوجود نية خصخصتها متذرعين بفشلها ولا مانع أبدًا فى ذلك من إلقاء اللوم على الطبيب دون الإشارة إلى أى تقصير من أى جانب آخر تجاه تلك المنظومة.
ثم وضع أمين الشرطة الذى جعله متفوقًا على غيره فى السلم المجتمعى فظن أنه فى مأمن فتمادى ما تسبب لوزارة الداخلية فى كثيرٍ من الحرج هذان وضعان مقلوبان يجب أن يوضعا فى نصابهما ويجب أن يعود شعار "الشرطة فى خدمة الشعب" كما أن الطبيب فى خدمة المريض .
* أستاذ بطب قصر العيني
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة