قرارات صحيحة وأخرى عمومية
عبرت الجمعية العمومية للأطباء عن مطالب أعضائها، وتجاوزت بعض الفخاخ من أفراد أو اتجاهات سعت لركوب الموجة، مجلس النقابة نجح بدرجة كبيرة فى تجاوز المطبات ومحاولات دفع الجمعية نحو التعميم، والسير فى معارك فرعية تستنفد الجهد ولا تنتهى لنتائج.
التراجع عن فكرة الإضراب الفورى كانت نزولا عند آراء اعتبرت الإضراب عقابا للمرضى الفقراء، وإن أبقت فكرة الإضراب الجزئى مطروحة كنوع من الضغط. فيما يخص القرارات كان تضمين قرار الجمعية العمومية حديثا عن رفض الخصخصة وقانون التأمين الصحى، هدفها رسالة إلى الشارع، لكنها تبقى ضمن الرأى القابل للنقاش، لكونها تتعلق بتشريعات وموازنات، مثلها مثل القرارات التى تتعلق بمجانية الخدمة، ويبقى أن أهم القرارات هو الإصرار على حقوق الأطباء وتأمينهم ومخاطبة مجلس النواب بتشريع يشدد العقوبة على المعتدين.
أما القرارات التى تتعلق بتقديم الخدمات الطبية مجانا، فهى تخلط الدور النقابى بالدور التنفيذى، وهو أمر يظهر فى عدد من قرارات الجمعية العمومية، التى تبدو أنها اتخذت بشكل عاطفى أكثر منه عملى أو نقابى، لأنها تتعلق بموازنات وسلطة تنفيذية وبعضها لا يقترب من المشكلات الحقيقية للعلاج والصحة وحال المستشفيات العامة والمركزية والجامعية، وهى قضية لا تخص الأطباء وحدهم، وإنما تخص المجتمع كله والحكومة، وتتطلب دراسة تحدد المشكلات والمطالب والطريق لإصلاح حال المنظومة كلها، ويؤخذ على القرارات الصدام مع وزير الصحة، والتناقض بين مطالبة الوزير بتوفير الأدوية والمطالبة باستقالته وإحالته للتأديب.
أما ما يتعلق برفض قرار إنشاء هيئة التدريب الإلزامى للأطباء والمطالبة بإلغائه، هو ما يتناقض مع المطالبة بوضع نظام فعال للتدريب والتعليم الطبى المستمر. الأمر يبدو غامضا وبحاجة لتوضيح، لأنه يخلط بين النقابى والحكومى من دون تحديد ويبدو نوعا من الرفض لأمر مطلوب ويجرى الحديث عنه، ويمكن أن تكون حالة الاحتشاد والجمعية العمومية فرصة لدراسة الوضع الصحى وتشخيصه ومعرفة إمكانيات علاجه، ليكون هناك تصورات كاملة بمشاركة المجتمع.
على الجانب الآخر، فيما يخص الحكومة ووزارة الصحة والداخلية، فقد اتسمت بالبطء والتجاهل أو الارتباك من البداية، ولم يظهر تصريح لرئيس الوزراء إلا بعد الجمعية، والقرارات، يضاف إلى ذلك بعض الأصوات التى ظهرت بالإعلام وهاجمت النقابة وأعضاءها بلا موضوعية، وإنما بخليط من الجهل والبذاءة وبلا تمييز، وبعض هؤلاء المنافقين يضرون كل الأطراف ويتحدثون بلا وعى ولا دراية، وفى المقابل فإن بعض ممن ظهروا بدعوى التضامن دخلوا لأهداف لا علاقة لها بالأطباء، كالعادة مزايدين ومحترفى توريط وهم مثل المنافقين يفسدون كل موقف، ولا تهمهم غير صورهم.
نجاح الجمعية خطوة والقرارات بحاجة إلى مراجعة، لكى لا تكون مجرد كلام مجانى غير قابل للتنفيذ، حتى لا تتكرر أخطاء الانسحاب لفرعيات تضيع الأهداف.