سعيد الشحات

رسالة الأطباء

الأحد، 14 فبراير 2016 07:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى الحديث عن حشد الأطباء فى نقابتهم يوم الجمعة الماضى لحضور الجمعية العمومية الطارئة التى حملت اسم «يوم الكرامة»، يمكن للبعض أن يرتكنوا إلى أسهل أنواع التعامل مع الحدث، فبدلا من وضع اليد على أسباب غضب الأطباء وموقع هذه الأسباب فى سياق الحالة السياسية الراهنة، هناك من يستخف بالأمر ويصدر للرأى العام أحط أنواع التفسيرات بالقول، إن «أغلب الأطباء إخوان» وإن «منى مينا» لديها ميول إخوانية، فمثل هذه الخزعبلات تزيد من حالة الاحتقان وسط الأطباء، كما أنها تضع المصداقية العامة على المحك، خاصة أن أصحاب تلك المزاعم يطلون على الرأى العام من فضائيات، ويطرحون منطقهم فى نفس الوقت الذى يعلم الرأى العام الحقائق الصحيحة، ولأن هذه اللغة تفتقد كثيرا إلى المنطق تصبح كـ«الدبة التى قتلت صاحبها».

احتشد الأطباء فى جمعيتهم العمومية بعد حالة التراخى التى قوبلت بها شكواهم من اعتداءات أمناء شرطة على أطباء مستشفى المطرية، بالطبع كان يمكن محاسبة الذين أقدموا على ذلك وفقا للقانون وينتهى الأمر، غير أن التسويف والمماطلة أحدث حالة الغضب التى أدت بمجلس النقابة لأن يدعو إلى عقد الجمعية العمومية الطارئة، فاستجاب الأطباء بالحشد الكبير الذى حدث أمس الأول الجمعة.

فى تقديرى أن حشد الأطباء ارتفع ليس بسبب اعتداءات أمناء الشرطة وفقط، وإنما جاء أيضا ردا على حالة الانفلات الإعلامى من بعض وسائل الإعلام فى معالجتها للحدث، فبدلا من الحوار الراقى والمحترم والعاقل، وجدنا من يكيل الاتهامات الباطلة لمجلس النقابة، ويضع الأطباء فى قفص الاتهام، ويستكبر عليهم الحفاظ على كرامتهم.

هناك من يستخف بالعقول فيتحدث وكما قلت عن «منى مينا» الإخوانية، وهناك من لم يلتفت إلى أن على رأس النقابة طبيب محترم هو الدكتور خيرى حسين يحظى بشعبية هائلة بين الأطباء لكونه نموذجا للطبيب كما ينبغى أن يكون، وأنه بضميره الوطنى لا يرغب أبدا فى أن يضع الأطباء فى مواجهة مع الدولة، هو يريد الحفاظ على كرامة الطبيب فتلك مسؤوليته النقابية المؤتمن عليها من الأطباء الذين انتخبوه، واختاروه رمزهم الذى يعبر عن محنهم ومواقفهم، ولو أراد أحد أن يعرف قيمة هذا الرجل فعليه أن يسأل عنه جمهور الأطباء، طبيب لم يفتح عيادة خاصة بالرغم من أنه من أمهر الجراحين، وأعطى وقته كله للتدريس والتعليم والانتصار لمهنة الطب فى جانبها الإنسانى.

امتدت هذه اللغة البائسة إلى أشياء أخرى خارج السياق، فهناك من تحدث عن غلاء أجر الأطباء فى العيادات الخارجية، وهناك من تحدث عن فوطة ينساها جراح فى بطن المريض أثناء العملية الجراحية، وهناك من تحدث عن إهمال الأطباء للمستشفيات العامة التى يعملون فيها، وبالطبع فإن هذه مسائل هى بالفعل تحدث ولا يقر أحد بصحتها، لكنها تخضع فى المقام الأول إلى نظام دولة بتطبيق القانون على كل من لا يقوم بعمله على أكمل وجه.

حشود الأطباء يوم الجمعة رسالة مهمة من أجل المستقبل، غير أن رسالتها لا يجب أبدا أن يتم وضعها خارج سياقها، وسياقها الصحيح هو أنه لا أحد فوق المحاسبة، ومن يخطئ فلابد من وضعه أمام القانون ليكون عبرة للآخرين، وينطبق هذا على الطبيب والشرطى وكل من يحاول أن ينسى واجبات وظيفته، فحين يتحقق ذلك سنكون أمام دولة تدخل إلى المستقبل بكل ثقة واطمئنان.

تجاهل قراءة الجمعية العمومية للأطباء والاستعلاء فى التعامل معها سيكون هو نفس النهج الذى اتبعه نظام مبارك، وهو النهج الذى أدى إلى الكوارث التى تمكنت فى كل شىء من أركان الدولة.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة