هل كان من المفترض أن يتقدم الرئيس عبد الفتاح السيسى فى خطابه أمام البرلمان ببرنامج سياسى واقتصادى واجتماعى شامل يحدد ملامح الفترة الرئاسية القادمة ويضع معالم واضحة لأسلوب وطريقة الحكم بعد اكتمال عقد مؤسسات الدولة بانعقاد البرلمان؟
هناك من كان يتصور وينتظر ذلك ويترقب أن يعلن الرئيس بوضوح انحيازه الاجتماعى وعقيدته السياسية وتوجهه الاقتصادى ليكون ملزما له أمام نواب الشعب فى الافتتاح الرسمى للبرلمان، وأمام الشعب ذاته .
هناك أيضا من أراد أن يتحدث الرئيس عن المستقبل ، فالخطاب تناول استعراض ما مضى من بعد ٣٠يونيو وحتى الان ولم يتطرق لماهو قادم وبشكل تفصيلي وواضح ومحدد وفى كافة القضايا والمجالات.
التطلعات والتوقعات من الخطاب الرئاسى كانت كثيرة الى درجة ان البعض رأى ان الخطاب كان يجب ان يتناول ازمة نقابة الاطباء وأمناء الشرطة والوضع فى سيناء وملف سد النهضة وغيرها، وفقا للعادة السياسية المتوارثة والمعهودة من خطابات الرئاسة فى فترات سابقة.
لكن حسب موازين القوى السياسية الجديدة فى الدستور الجديد لم يكن مطلوبا من الرئيس السيسى فى افتتاح وتدشين الدورة التشريعية الجديدة للبرلمان، فالرئيس جاء لتسليم السلطة التشريعية الى البرلمان لاول مرة وبشكل حقيقى وفعلى منذ ٥ سنوات عندما قال للنواب ، حيث قال الرئيس «إننى أعلن أمامكم ممثلى الشعب بانتقال السلطة التشريعية إلى البرلمان المنتخـب بإرادة حرة، بعد أن احتفظ بها رئيس السلطة التنفيذية كإجراء استثنائى فرضه علينا الظرف السياسى.
هذا هو المعنى والغرض من خطاب الرئيس ، الذى جاء واضحا ومحددا ودقيقا ومع ذلك قدم فيه كشف حساب للفترة الرئاسية خلال عام ونصف مضى بكلمات متفاءلة يملؤها الثقة في الحاضر والأمل فى المستقبل ، فمشاريع الحاضر هى ثمار الغد ومحصول المستقبل ، التى تجنيه الأجيال القادمة فى مصر .
المستقبل اذن كان حاضرا فى خطاب الرئيس لكنه كان مرهونا بالعمل الشاق واليقظة والاصطفاف ،وكما قال الرئيس بعد استعراضه لما تم انجازه ،اننا أمامنا عمل شاق لنحقق ما نريد" الأوضاع الأمنية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية التى تحدق بمصر الآن تفرض على الجميع مسؤولية تاريخية ، وأداءً استثنائيًا ، تتضافر فيه الجهود وتتكامل فيه السلطات كى يبقى البنيان قائمًا وشامخا .
لم يكن مطلوبا من الرئيس برنامجا ، فقد أعلن انحيازه الاجتماعى منذ اللحظة الاولى للفقراء ومحدودى الدخل ومحاولة احياء الطبقة الوسطى فى المجتمع مرة اخرى بعد ان اندثرت وضاعت بفعل سياسات الافقار في الثلاثين عاما الماضية ، ومشاريع الاسكان الاجتماعي وتطوير القرى الاكثر فقرا واحتياجا فى مصر ومشروعات المليون ونصف فدان هى انحياز اجتماعى واضح من الرئاسة في اقل من عام ونصف العام، علاوة على محاولات توفير السلع الضرورية والاساسية .
المسئولية اصبحت مشتركة الان بين اضلاع النظام الثلاثة الرئاسة والحكومة والبرلمان ، ولذلك كان الرئيس واضحا فى مطالبة البرلمان ونوابه بتحمل المسئولية السياسية بوعي وطنى عال وليس بممارسة افعال الاستعراض الاعلامى والسياسى ، فقد طالب البرلمان بمناقشة القضايا الملحة والعاجلة والضرورية والتى تحقق العدالة الاجتماعية والتنمية الشاملة خاصة ملفات وقضايا التعليم والصحة وتوفير الحياه الكريمة لمحدودى الدخل.
الخطاب كان موفقا للغاية وكلماته مطمئنة ومتفائلة وواثقة فى المستقبل رغم الصعوبات والتحديات.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة