قبل أيام كتبت فى هذا المكان عن قضية الطالب الإيطالى الذى وجدت الداخلية جثتته ملقاة على أحد جوانب طريق القاهرة إسكندرية الصحراوى الذى تسبب مقتله فى أزمة كبيرة بين الحكومة الإيطالية والحكومة المصرية، حيث قطعت وزيرة التنمية الاقتصادية الإيطالية فيدريكا جويدى زيارتها لمصر وسافرت فور علمها بوفاة الباحث الإيطالى جوليو ريجينى ومن يومها لا ينقطع الحديث فى وسائل الإعلام الغربية عن ظروف مقتل هذا الطالب والمتورطين فيه، وسط تلميحات وإشارات من هنا أو هناك إلى تورط وزارة الداخلية فى هذا الأمر، وحينما تناولت هذه القضية أبديت انزعاجى من قدرة البعض على توجيه الاتهام إلى وزارة الداخلية دون سند أو دليل، وتعجبت أيضا من هؤلاء النشطاء الذى نصبوا احتفالية لجلد الذات وليجلدوا وزارة الداخلية موجهين اللوم لها عقب مقتل هذا الباحث وكأنهم شيعة العراق فى يوم عاشوراء، وهو الأمر الذى جعلنى أتشكك فيهم وفى الباحث الإيطالى أيضا.
مر حوالى «أسبوع» على هذا المقال الذى اخترت له عنوانا هو «المرض بالغرض» فى إشارة إلى أن الحملات التى يشنها البعض على وزارة الداخلية بهدف إلصاق الاتهام بها هى حملات مغرضة تضر بالمصالح الوطنية المصرية بالصيد فى الماء العكر، ويتعاون فى هذا الأمر بعض المحطات التليفزيونية الغربية وكذلك بعض الجرائد التى تتعمد فى تغطيتها الإخبارية الزج باسم الشرطة المصرية فى الحادث بطريقة خبيثة وملتوية، وبالطبع لم أقصد من خلال هذه الكلمات أن أدافع بالباطل عن الشرطة المصرية، لكنى أردت أن أنظر إلى الأمر بتجرد تام، وأن أتعامل مع هذه الحالة بمعزل عن حالات الانتهاكات الشرطية المتكررة التى تضر «المصالح الوطنية» أيضا سواء فى الداخل أو فى الخارج، فالاتهام بدون دليل أمر «مخزٍ» والدفاع بالباطل أمر أشد خزيًا، وليس لدى الكاتب من احترام للذات سوى الحفاظ على استقلاليته التى تمكنه من النظر إلى القضايا المختلفة بتجرد تام بعيدا عن «المرض بالغرض»
يؤسفنى أن أقول لك هنا إن وزارة الداخلية أدارت هذه المعركة بطريقة خاطئة، فلغة خطاب العالم تختلف كثيرا عن لغة الخطاب المحلية، فالعالم لا يكتفى بنفى المتحدثين الرسميين، ولا بالتصريحات الغامضة لمسؤولين يبدو من كلماتهم أنهم يخفون شيئا أو يجهلون شيئا، ويؤسفنى أيضا أن أقول لك إن إدارة هذه المعركة بهذا الشكل الخاطئ وضع مصر «عالميا» فى موقف محرج، وإن نقص الأدلة فى تصريحات النفى جعل النفى أشبه بالتأكيد، بينما الصحف الغربية لا تدخر جهدا فى إلصاق التهم بمصر بتصريحات مجهلة وأقاويل مرسلة، ويجب على الدولة المصرية أن تنتبه الآن إلى أهمية الدفاع عن مصر ومؤسساتها خارجيًّا بشكل علمى واحترافى، وليس بشكل ارتجالى كما يحدث الآن، وإلا فسنصبح مثل هذا الغافل الذى «أخد ميت قلم على سهوة».
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة