الأستاذ: الشباب يشعر بعد ثورتين بأنه لم يحقق أحلامه
قبل يوم واحد من رحيل الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل كنت أبحث فى أرشيف الأستاذ الذى لم يكن مجرد «جورنالجى» عادى، بل هو أحد الجورنالجية العظام الذين أسهموا فى تاريخ مصر بقلمه، وهو السلاح الوحيد الذى يمتلكه الأستاذ، ونجح فى مواجهة الأعداء لأكثر من 70 عامًا، وفشلت كل محاولات تهميش «هيكل» أو الإساءة إليه، وكتبت وقتها ما قاله «هيكل» من نصائح للرئيس السيسى، والتى أتمنى أن تكون محل اهتمام من القيادة السياسية، وهو ما نتوق إليه بعد أن نعى «السيسى» الأستاذ هيكل بأجمل الكلمات الخالدة.
قدم «هيكل» 3 نصائح إلى الرئيس المصرى عبدالفتاح السيسى، حول بعض الملفات والتحديات التى تواجه مصر حاليًا من خلال حواراته الأخيرة للميس الحديدى.. النصيحة الأولى كانت خاصة بما يحدث فى اليمن، حيث حذر من دخول مصر حربًا لم تستعد لها، وقال: «الحرب ليس ما يجب أن نسعى إليه، وعلينا أن ندرس إلى أى مدى نحن مستعدون لها، لدينا تجربة فى اليمن لم يدرسها أحد، لدينا تجربتنا التى ما صدقنا تخلصنا منها، فطوينا ملفاتها دون دراسة، الحرب ليست هى ما نقفز إليه، والقوات المشتركة ليست هى ما نقفز إليه من اللحظة الأولى، علينا أولاً أن ندرس، نحن نحتاج لمعرفة إلى أى مدى تريد السعودية، إلى أى مدى قادرة ومستعدة للتكاليف، فقد تكون هناك رغبة لأنك أمام اليمن، هو بركان نائم فى جنوب شبه الجزيرة العربية، وإذا انفجر فسيجرف كل المنطقة».
النصيحة الثانية كانت بخصوص الشأن الليبى، حيث نصح «هيكل» باتباع الإجراءات والترتيبات الدولية فى حال التخطيط لضربات جوية جديدة فى ليبيا، وقال: «كنت أتمنى أن تخطر مصر مجلس الأمن قبل الضربة الأولى، فى الضربة الأولى كان علينا الإخطار ثم التصرف كما نشاء، لا نريد إذن مجلس الأمن، فى السياسة الدولية يمكن التصرف دون أن تفاجئنى ولا تستأذنى أخطر أثناء التصرف، ومرات أخطرنا بأشياء قبل حدوثها بدقائق عند استخدام القوة العسكرية خارج حدودك، فهى تحتاج لترتيبات دولية، الدولة الوحيدة التى لديها حق التصرف دون الرجوع إلى أحد هى أمريكا، ونحن لسنا أمريكا».
«هيكل» أضاف فى كلامه لـ«السيسى» أن «هذا البلد يحتاج لتغيير الأمور أكثر من التسيير، ونحن فى لحظة خطرة، ويجب أن يكون هناك مقصد واضح وخريطة لما نريد أن نذهب إليه، ويحدد هذا حوار بين كل قوى الوطن وهذا غير حاصل، وبداية الحوار الحقيقى هى تجهيز ممثلين حقيقيين للشعب، وأن نطرح عليهم الحقائق والاحتمالات ثم نستمع لما يقال، ومن ثم بلورة رؤية من نوع ما لمستقبل هذا البلد، لكن تسيير الأمور خطر، ونحن أمام عالم يتغير، وحتى ندرس نحتاج للتنبه أكثر من ذلك»، وأضاف: «ربما يشعر الشباب أنه بعد ثورتين لم يستطع تحقيق أحلامه.. هذا صحيح، وجزء من المشكلة الحالية التى نعيشها، ففى 25 يناير كل الناس كانت تشعر أنك أمام شباب حدودهم هى السماء، وبشكل أو بآخر أحبط لأمرين، أول شىء أن ما صنعه ذهب للإخوان، ثم جاء تصحيح عملية الإخوان، ولكن حتى الآن التصحيح مازال يعبر عن أمنيات ورؤى ليست مكتملة، ولا توجد خطة ولا نداء واضح.. هل تشعر أن قوى الماضى تظهر بين الفينة والأخرى تطل برأسها وتلوح لنا؟، أليس هذا طبيعيًا؟ هل تتصورين أن وضع الماضى يصاب بسكتة ويختفى ويخرج مستقبل مزهر مشرق من تلقاء نفسه؟».
هذه هى آخر نصائح الأستاذ للرئيس قبل وفاته بأيام قليلة، أتمنى أن تتم دراسة هذه النصائح، ليس ذلك فحسب، بل كل ما قاله الأستاذ رحمه الله.