أهم رسالة وردت فى بيان وزير الداخلية اللواء، مجدى عبدالغفار، تعليقا على حادث الدرب الأحمر، أن الوزارة تعترف بأخطائها.. تأخر كثيرا الاعتراف بالخطأ حتى تحولت 4 حوادث فردية إلى ظواهر حقيقية تؤرق وزير الداخلية، وتهدد كرسيه، بل وتؤرق الحكومة أيضا، فى الوقت الذى تبذل فيه الدولة جهودا موسعة لإرضاء المواطن.
واقعة الدرب الأحمر أكبر نموذج على أن الأحداث الصغيرة، عندما تتجاهلها الدولة وتواجهها بالتبرير، ينقلب عليها هذا التبرير إلى مصيبة أكبر بعواقب أكبر ونتائج سلبية لا نستطيع مواجهتها، فقبل واقعة الدرب الأحمر، كانت واقعة نقابة الأطباء وأزمة مستشفى المطرية، سجلت وزارة الداخلية الواقعة وقتها، على أن الطبيب أيضا مخطئ، وأنها أحالت أمين الشرطة للمحاكمة، كان رد الفعل أقل بكثير من الفعل، وكان اهتمام الوزارة أقل من حجم الأزمة، بما ترتب عليه فى النهاية أن وقع التصعيد، وأعلن الأطباء وقفتهم الاحتجاجية أمام دار الحكمة، فكان الحشد بالآلاف، وتحولت الشعارات التى تطالب بمحاكمة أمين الشرطة إلى محاكمة الوزير نفسه وإقالته من الوزارة.
الأصل أن التجاهل لا ينتج عنه غير التصعيد، ولو كان بيان وزارة الداخلية عن الدرب الأحمر صدر قبل 48 ساعة، لم يكن قد تزايد الأمر واحتشد الآلاف من أهالى الدرب الأحمر أمام مديرية الأمن.
الوزير قطع على نفسه العهد بأن يجرى عددا من الإصلاحات الداخلية بالوزارة، وهو أمر مهم، ولكن الأهم هو إعلان تلك الإجراءات أولا بأول، وألا تكون مسكنات للرأى العام لاحتواء الأزمة فقط، إن أراد الوزير ذلك فهو يعد أيامه المحدودة فى الوزارة، وإن بدأ فى الإصلاح فسيكتب اسمه فى تاريخ الوزارة، لأن الحل معلوم للجميع، القيادات المتجاوزة لا بد أن تخرج بعيدا عن الجهاز الأمنى، لأن بكل خطأ ترتبكه، يزداد الجهاز الأمنى سوءا فى عين المواطن المصرى فى الوقت ذاته، الذى يقدم الجهاز يوميا الشهداء على أرض الوطن.
الأمر الآخر، أن رئيس الجمهورية، فى لقائه بوزير الداخلية أعلن عن البدء فى عدد من التشريعات الجديدة لمواجهة المتجاوزين للقانون، وهو أمر حسن، ولكن المستشار مجدى العجاتى، وزير الدولة للشؤون القانونية والمجالس النيابة فى تصريح صحفى له، قال: إنه لا يجوز إحالة أفراد وأمناء الشرطة إلى المحاكمة العسكرية، بموجب حكم المحكمة الدستورية العليا.
الوزير لا يتحدث إلا بالقانون، والقانون يقف عائقا أمام محاكمة أمناء وأفراد الشرطة، إذن ما العمل، وهل تصريحات الرئيس عن التشريعات هى أيضا حديث للتهدئة لا للإصلاح الحقيقى؟ المسؤولية الآن تقتضى من الجميع البدء الفورى فى مراقبة أداء الوزارة، مراقبة ليس معناها تقليص صلاحياتها فى ضبط الأمن العام للبلاد، ولكن مراقبة الغرض منها ضبط الأداء لكل قياداتها وأفرادها، دون إخلال بالقانون أو مخالفة للدستور.
لماذا أقول هذا، لأننا أمام وقائع فساد حقيقية فى عهود سابقة لوزارة الداخلية، أمام واقعة عساكر السخرة فى عهد حبيب العادلى، الذين استخدمهم لبناء فيلته فى السادس من أكتوبر، نحن أمام فساد بوزارة الداخلية، وهى القضية التى تضم عشرات المتهمين من قيادات سابقين بالوزارة، تلقوا الملايين بالمخالفة للقانون، نحن أمام جرائم كانت ترتكب باسم الحفاظ على الأمن، ومن قبل هذا، نحن أمام ثقافة خطأ يتم بناء شخصية رجال الشرطة عليها، ثقافة نشر الخوف لا نشر الأمن.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة