هل الاستعانة بخبراء أجانب عيب؟..حينما أرادت دبى أن تبنى ميناء دوليًا يجعل من الإمارة منطقة جذب عالمية، وتكون محور التجارة فى الشرق الأوسط، لجأت لخبراء أجانب استطاعوا تحويل حلم الإماراتيين إلى واقع حقيقى على الأرض، واستطاع ميناء دبى، ومن خلفه المنطقة الصناعية بجبل على، أن يصبح من النقاط الاستراتيجية المهمة ليس فى المنطقة فقط، إنما فى العالم أجمع.
إذن الاستعانة بالخبرات الأجنبية ضرورية ومطلوبة إذا أردنا حقًا النجاح، شريطة أن نكون محددى الأهداف، لأن وجود هذه الخبرات سيحقق العديد من الفوائد، منها على سبيل المثال، أنها ستمكن الاستفادة لأكبر عدد من العمالة المحلية الموجودة فى المشروع، كما أنه فى الغالب سيجنبنا الكثير من الأخطاء التى وقعنا فيها طيلة السنوات الماضية.
أقول ذلك بمناسبة ما تتجه إليه وزارة النقل للاستعانة بخبراء بريطانيين لتطوير منظومة النقل فى مصر، خاصة القطارات والسكك الحديدية، وهو التوجه الذى لا يستسيغه البعض، ويعتبرونه إهدارًا للمال العام، فآلاف الدولارات التى سننفقها على رواتب وإعاشة هؤلاء الخبراء يمكن الاستفادة منها لدفع الكفاءة الإدارية والفنية للعاملين بالنقل من خلال إرسالهم فى بعثات بالخارج، سواء طويلة المدة أو قصيرة لا تتجاوز بضعة أسابيع، والذين يقولون بذلك يبدو أنهم لا يدركون كم الملايين التى أنفقتها الدولة حتى الآن على برامج تدريب خارجية للعاملين بقطاعات مختلفة فى الدولة، وفى النهاية لا تتحقق الاستفادة المطلوبة، إما لأن من تلقى هذه المنح لا يرغب فى تقديم ما تحصّل عليه من تدريب لغيره فى المؤسسة أو الهيئة التابع لها، مختصًا بما تحصل عليه لنفسه فقط، أو أنه اختار طريقًا آخر حينما قرر البقاء فى الدولة التى أوفد إليها.
نعم، هناك أمثلة كثيرة لنماذج نجحت فى توظيف ما تلقته من خبرات فنية لتطوير الأداء فى مصر، لكن فى المجمل لم نصل إلى النتيجة المرضية، وإلا ما كنّا نتحدث حتى الآن عن مشاكل تواجه الدولة فى توافر الخبرات الفنية التى تحتاجها الدولة لمشروعاتها القومية، ومنها على سبيل المثال مشروع تنمية محور قناة السويس، لذلك ليس عيبًا ولا حرامًا أن تستعين الدولة بخبرات أجنبية للتطوير والتنمية مهما كلّف ذلك خزينة الدولة من أموال، لأننا فى النهاية سنكون قطعنا مسافة طويلة فى طريق مكتوب علينا أن نسلكه حتى النهاية، هو طريق تحويل مصر إلى دولة قادرة على البقاء والمنافسة، فمصر مازالت دولة مستهلكة وتحتاج لخبرات كثيرة لتكون دولة منتجة، وقادرة على توفير الخدمات التى تحتاجها حركة التجارة الدولية، فليس معنى أن للدولة موقعًا استراتيجيًا أن تكون حققت ما تريده، لأن هذا الموقع يحتاج لمن يحسن استغلاله، وهو المتوفر حاليًا، فإرادة الانتقال لدولة منتجة متوفرة، لكننا بحاجة لمن يرسم لنا آليات هذا الانتقال بما يتوافق مع إمكانياتنا، ومن يرفع المستوى الفنى للعمالة المصرية.
قد أكون مخطئًا فى هذا الطرح الذى لا يعجب البعض، لكننا بحاجة إلى طريقة فعالة لتطوير أداء العمالة المصرية التى لم تصبح الأولى فى المنطقة كما كانت فى الماضى، ومن ينظر لوضع العمالة المصرية بمنطقة الخليج على سبيل المثال سيجدها خير دليل على هذا التراجع، وبالتالى فلابد من البحث عن حل، خاصة أننا فى حاجة شديدة لعمالة ماهرة تستطيع أن تكون النواة القوية للمشروعات القومية التى تقوم بها الدولة حاليًا، وإذا كان الحل فى الخبراء الأجانب فلماذا لا نستعين بهم بشرط أن نحسن اختيارهم.
نحن لدينا إمكانيات كثيرة لكن ينقصنا حسن الاستغلال، وهذا يحتاج إلى آليات جديدة قد تكون من بينها الاستعانة بالخبرات الأجنبية المطلوبة التى تستطيع تطوير الأداء والكفاءة للعمالة المصرية التى ينبغى أن يتحول الاهتمام بها إلى اهتمام وطنى وقومى، حتى تستعيد مكانتها المفقودة فى المنطقة، وفوق كل ذلك نحقق ما نحلم به من مشروعات قومية بسواعد مصرية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة