لم أتصور يوما أن تتحول قلة الأدب والسفالة والانحطاط، والوقاحة والتحدث عن الجنس والأعضاء التناسلية، ليست باللغة العلمية، وإنما بلغة أفلام البورنو وشقق الدعارة، ومواقف التوك توك، إلى عمل أدبى تنشره صحيفة قومية، ويصبح فى قائمة الإبداع.
ما الإبداع فى أن تصف لى علاقة جنسية فجة ومنحطة، ويتم ترجمته على الورق؟ وعندما يرفض المجتمع ويراها أنها كارثة مدمرة للقيم الأخلاقية وعادات وتقاليد بلادنا، ويدلى القضاء بدلوه فى القضية بمعاقبة مدشن هذا الانحطاط، يخرج علينا دوقة الهم والغم والقرف والاشمئزاز، رافضين وموجهين سهام نقدهم السام للدولة، وأنه عودة للقمع والديكتاتورية.
هذا النوع من قلة الأدب والسفالة، لا يمكن وضعه فى خانة الإبداع، لأن هناك فارقا شاسعا بين حرية الرأى وحرية التعبير، حرية الرأى أنت حر فيما تفكر وتعتقد وترى، ولكن عندما تعبر عن هذه الأفكار والرؤى، أصبح التعبير محل نقاش ويخضع للقانون إذا تعارض مع القيم الأخلاقية والوطنية للمجتمع.
ماذا وإلا فلا نعتب على عاصم عبدالماجد ووجدى غنيم، وسلمان رشدى مؤلف رواية «آيات شيطانية»، ونجيب محفوظ مؤلف رواية «أولاد حارتنا»، وغيرها من الروايات والكتب التى تم منع تداولها عندما لاقت سخطا واعتراضا وغضبا شعبيا.
لا يمكن توصيف رواية أحمد ناجى إبداعا، وهو يتحدث عن الأعضاء التناسلية بمسمياتها المتداولة فى مواقف التوك توك وسيارات مواقف الميكروباص أثناء الاشتباكات بين المواطنين، ونسأل الذين يدافعون عن أحمد ناجى: هل تسمح لزوجتك أو أمك أو أختك أو بنتك قراءة هذا العبث الأخلاقى؟ هل يمكن لك أن تتحدث عن مضمون الرواية بما جاء فيها من ألفاظ تتعلق بالأعضاء التناسلية للمرأة والرجل؟
وائل غنيم على سبيل المثال، خرج علينا أمس مدافعا عن أحمد ناجى، وأول ما دشنه نصا: «أنا لم أقرأ الرواية»، ونسأله السؤال الطبيعى والتقليدى والخالى تماما من إسقاطات المؤامرات، كيف يا سيدى تدع قريحتك تنطلق فى مسار حشد المدافعين عن أحمد ناجى دون أن تكلف نفسك عناء قراءة الرواية لتقف على أرضية التقييم الموضوعى؟ وهل من المنطق والعقل أن تدافع عن شخص لمجرد أن حكما قضائيا صدر ضده بالحبس دون أن تعرف ماذا كتب؟ وهل حرية التعبير والإبداع أن تسير عكس قيم وتقاليد المجتمع؟
وهل تسمح لرواية جوهر بنائها وحبكتها قائم على العلاقات الحميمية، والشاذة، وذكر الأعضاء التناسلية بمسمياتها الوقحة، أن تقرأها والدتك أو ابنتك، أو أختك أو خالتك أو عمتك إلى آخر شجرة عائلتك؟
جوهر ثقافتك أن تحترم ثقافة الناس، ولا تفرض رأيك، أو تسير عكس ثقافة وعادات وتقاليد المجتمع، والصدام معه، ومحاولة محو هويته، فإذا كنت تريد ألا تصوم شهر رمضان، عليك أن تحترم من يصومه، فلا تدخن أمامه أو تأكل أو تشرب، أو تسخف من عقيدته وأحد أركانها الرئيسى، الصوم.
حالة الفوضى الكارثية فى كل المجالات، أمنية وإدارية وأخلاقية، واقتصادية، وسياسية التى تجتاح البلاد، وتجد من يرعاها، سببها الرئيسى غياب الإرادة، وضعف وترهل الدولة، والخوف من الأصوات الزاعقة من فوق بعض المنابر الإعلامية، والحزبية، والنقابات، ودولة أمناء الشرطة.
لا يمكن أن يصل بِنَا الحال أن نسمح بتدوين ما يحدث بين الأزواج فى غرف النوم، وفى ما يدور فى شقق الدعارة، فى كتب وروايات وأفلام، ونطلق عليه إبداعا، وكيف لنا أن نهاجم المخرجة إيناس الدغيدى، ونقبل وندعم سفالة وقلة أدب روايات أحمد ناجى، أو نتعاطف مع الشواذ، ونشجع ممارساتهم، تحت عناوين «الحرية والديمقراطية»، فلتذهب حريتكم التى أنجبت عاصم عبد الماجد ووجدى غنيم وطارق الزمر، وإيناس الدغيدى، وخالد أبوالنجا، وأحمد ناجى، إلى الجحيم!!!
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة