فى الأيام الأخيرة تتابعت مجموعة من الأحداث المؤلمة، فى مختلف المؤسسات بالدولة، تكشف عن وجود تراجع وفساد فى كثير من المؤسسات، كما تكشف عن تراخٍ فى الإدارة وضعف فى الرؤية العامة بل وغياب تلك الروح الثورية التى تسعى لتعويض سنوات الفساد الطويلة بالعمل المتواصل وإنكار الذات، الأمر الذى يعنى بوضوح وجود فئران كثيرة تقرض فى سفينة الوطن المنطلقة فتحدث بها من الثقوب ما يعطلها ويحرفها إلى معارك جانبية هى فى غنى عنها، حتى تمضى فى طريقها المنشود.
أولى هذه المؤسسات هى وزارة الداخلية، فالوزارة بذلت جهودا كبيرة فى مواجهة الإرهاب واستعادة الاستقرار الأمنى وقدمت الكثير من الشهداء فى العمليات اليومية سواء لردع الإرهابيين أو لوقف عمليات زرع القنابل والعبوات الناسفة فى الشوارع والميادين، أو لضبط الخارجين عن القانون، لكنها مع ذلك تعانى من تكرار تجاوزات أفراد وأمناء الشرطة بحق المواطنين، وآخرها حادثة قتل مواطن بحى الدرب الأحمر على يد رقيب شرطة وبالسلاح الميرى.
مثل هذه التجاوزات الفردية نعم والمتكررة فى مختلف محافظات مصر، لا تهيل التراب فقط على الإنجازات العظيمة التى حققتها الداخلية إلى جانب القوات المسلحة لإعادة الانضباط والاستقرار للبلاد، وإنما تستفز المصريين وتثير خوفهم من عودة ظاهرة بطش الداخلية وتجبرها مرة أخرى، وبدلا من تفعيل شعار الشرطة فى خدمة الشعب، يتحول عمليا إلى الشرطة تقهر الشعب.
والذاكرة القريبة فى25 يناير تستعيد تلك المشاهد المخيفة للشرطة وكيف واجهها الشعب، وتعيد إنتاج الخوف القديم والجديد، لتثير حماسة الناس مرة أخرى للانتفاض والثورة على بلطجة الشرطة وتعمدها قهر الناس، فهل البلد يتحمل مثل هذه الانتفاضة نتيجة ممارسات فئة غير مسؤولة وخارجة عن القانون فى وزارة الداخلية؟ إذا لم تطهر الوزارة صفوفها وإذا لم يشعر المواطنون بتغيير فى ممارسات وتعاملات الضباط والأفراد، ستكون ردود الفعل عنيفة ويتحملها الوزير وقياداته بالمقام الأول.
وزارة الزراعة هى الأخرى تعكس مدى الضعف والترهل والفساد فى الأجهزة الحكومية، كل يوم تنفجر قضية فساد جديدة فى الوزارة لمسؤولين سابقين أو حاليين نهبوا وساعدوا على نهب عشرات المليارات من الجنيهات فى تسهيل الحصول على أراضى الدولة، وكأن هذه الوزارة تحتاج إلى جرد شامل لما تحت سلطتها من أراضٍ وما تملكه من أرصدة لنعرف مبدئيا حجم الأموال والثروات التى تحت تصرف الوزارة وما تم نهبه منها لاستعادته، وتعيين قيادات من الهيئة الهندسية للقوات المسلحة تحديدا فى هذه الوزارة الغنية والموبوءة بالفساد والإهمال، حتى ننقل إليها روح الانضباط والتفانى والإنجاز، ويا ليتنا نعمم التجربة فى جميع المصالح والمؤسسات الحكومية.
وفى الوقت الذى تواجه فيه أجهزة الدولة التطرف والإرهاب، يعيش التطرف والغلو فى الأزهر ومؤسساته، وكأنه يزايد على المتطرفين وعلى أتباع وذيول الوهابية فى مصر، ويكفى أن تقرأوا ما أصدره مرصد الأزهر عن الديمقراطية كنظام للحكم مفسرا إياها بأنها نظام علمانى يرتبط بالزنا واللواط، لتعرفوا أن داخل الأزهر ومؤسساته خلايا نائمة ومتطرفين كامنين ينتهزون أى فرصة لإفساد البلاد والعباد.
متى يتم تطهير الأزهر من بلاء التطرف ومن خلايا الإخوان النائمة وبؤر الوهابية المستوردة من الصحراء؟ متى يتحقق فعلا شعار الإسلام الوسطى الذى يرفعه الأزهر قولا وفعلا، ويجنبنا أفعال المراهقين وفتاوى المختلين وأحكام المتخلفين؟ ومتى يعلم كل قيادى فى موقعه أن هذا البلد يحتاج إلى العمل الجاد فقط، والتفانى فيه وسرعة الإنجاز، وتطهير الصفوف من الفاسدين والمزيفين والمتكاسلين والمختلين والأدعياء؟
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
Hassan Omer
حسبنا الله ونعم الوكيل