"لا يمكننا تكفير الشيعة،لكن هناك بعض الغلاة الذين يسبون الصحابة ويعطون الرسالة لغير سيدنا محمد "، هكذا تحدث الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر أول أمس أثناء زيارته إلي أندونسيا.
هذا النوع من الكلام يجب الترحيب به خاصة وأنه يأتي من رمز مؤسسة سنية لها وزنها العظيم لدي المسلمين السنة في أرجاء العالم ، وتحظي باحترام وتقدير من الشيعة أيضا،كما أن قيمة كلام "الطيب"أنه جاء في سياق دعوته للتصالح والتسامح بين علماء الأمة،ومطالبته بنبذ الفرقة والتعصب المذهبي الهدام،وإعجابه بمجلس العلماء الأندونيسيين الذي يجمع كافة المذاهب الموجودة في مجلس واحد .
" الطيب " بهذا الكلام يجدد الدور الأصيل للأزهر في هذه القضية تحديدا ، حيث له رصيده الكبير في مسألة التقريب بين المذاهب ،والمعروف تاريخيا أن رائد هذا الاتجاه هو الشيخ محمود شلتوت شيخ الأزهر عام 1958 والذي أدخل دراسة المذاهب إلي الأزهر ، وأجاز التعبد بمذاهب الشيعة الاثني عشرية، فعل الشيخ شلتوت ذلك في وقت كانت مقاومة الاستعمار هي الأساس في المنطقة ، وكانت حركات التحرر الوطني هي السائدة ولها الكلمة العليا ، وتأسيسا علي ذلك كانت هناك يقظة كاملة لمحاولات الاستعمار وأعوانه والمتربصين بالمنطقة في تأجيج الأوضاع بالورقة الدينية ، بخلق صراعات مسيحية إسلامية وسنية شيعية ، وفي هذا السياق نظر كل المسلمين،شيعة وسنة إلي قرار جمال عبد الناصر التاريخي بتأميم قناة السويس عام 1956 بوصفه قرار قومي تحرري ووقفوا إلي جانبه ، وكذلك معركة مصر ضد العدوان الثلاثي عام 1956 .
وحين تركت الأنظمة العربية خيار مقاومة إسرائيل ،منذ توقيع السادات اتفاقية كامب ديفيد مع مناحم بيجين عام 1979 ، دخلت الحروب المذهبية والطائفية والعرقية إلي المنطقة ،وبدلا من حشد شعوب المنطقة لمقاومة الاستعمار في كافة أشكاله وإسرائيل في القلب منه ،أصبح الاحتشاد من أجل مواجهة السنة للشيعية والعكس.
وأسوء ما حدث في تأجيج عداءات السنة والشيعة في عالمنا الإسلامي،هو إدخال لغة التكفير والتخوين،وعبر هذه اللغة تواصلت الشائعات ومنها أن للشيعة مصحف ،وللسنة مصحف ، وأن الشعائر الدينية للسنة غير الشعائر الدينية الشيعة ، ولعب المغرضون لعبتهم لتضخيم الجدل حول ذلك ، ومن باب التعصب ينتقل الجدل إلي تكفير هذا لذاك ،وبقدر ما يبدو أن هذا في ظاهر نوع من الحمية الدينية ، إلا أنه في جوهره يعبر عما يريده المتربصون بالمنطقة بعموم المسلمين ووضعهم في حالة صراع دائم.
لو نظرنا كم أنفقنا في هذا النوع من الصراع لوجب أن نحاسب المسئولين عنه حسابا عسيرا ، فالمليارات التي ضاعت بسبب ذلك كان يمكن توجيهها من أجل النهضة والتقدم ، والدماء التي سالت كان يمكن تفاديها بدلا من أن تتسبب في إقامة جدار من الكراهية بين أبناء الدين الواحد.
هكذا تريد لنا المشروعات التي يصممها الغرب ضدنا،وضد مصالحنا ،هم يريدون أن نبقي علي صفيح ساخن ،وأن تكون ورقة الدين هي الورقة المحرضة ، وتأسيسا علي ذلك فإن مؤسسة الأزهر وبكل ثقلها الديني في العالم الإسلامي حين تتحدث عن أنه لا يمكن تكفير الشيعة فإن هذا يأتي في توقيته ، ويضع كل ما يتعلق بهذه القضية في وضعها الديني الصحيح ، ويبقي في هذا الأمر،أن يحذو رجال الأزهر في هذا الموضوع حذو "الإمام الأكبر"، وبدلا من أن ننفق الوقت والجهد والمال في سباق أيهما أصح دينيا ، السنة أم الشيعة ، الأجدي أن ننفقه من أجل البناء والتقدم
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة