لماذا يحجم الشباب عن العمل فى المشروعات القومية؟.. من يتابع ما قاله اللواء كامل الوزير، رئيس الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، قبل أيام ستتملكه الحيرة الشديدة، فالرجل كشف عن حاجة عدد من المشروعات القومية لعمالة مصرية، وأنه تم الإعلان عن ذلك فى أكثر من مناسبة، لكن للأسف لم يتقدم لها العدد المطلوب من الشباب الذى يشتكى من البطالة، فى تناقض واضح بين ما هو معروض من الوظائف واستمرار الشكوى من عدم وجود فرص عمل لشبابنا.
نبدأ بما قاله اللواء كامل الوزير الذى كان فى زيارة مع وفد إعلامى للأنفاق التى يتم إنشاؤها بجنوب بورسعيد، حيث اشتكى من العجز فى العمالة المدربة، وقال وفقًا لما نقله عنه الزميل محمد أحمد طنطاوى أن «أصحاب الشركات يحتاجون عمال تشغيل معدات هندسية ومعدات خرسانية وحفر الأساسات العميقة ودق الخوازيق ولا يجدون»، كاشفًا أن ماكينات حفر الأساسات العميقة عددها 22 يعمل منها الآن 12 فقط، نتيجة عدم وجود عمال تشغيل مهرة، وأعلن رئيس الهيئة الهندسية عن قبول أى شاب حاصل على دبلوم صناعى أو معهد فنى صناعى أو مؤهل آخر ويجيد القراءة باللغتين العربية والإنجليزية للعمل فى المشروعات القومية، وقال «المطلوب أن يملك الشاب الإرادة لقيادة معدة أو «دق الخوازيق» وسيتم تدريبه، وأثناء التدريب يتم صرف 1200 جنيه كمرتب وبمجرد الانتهاء سيتم رفع مرتبه».
اللواء كامل الوزير يظهر وكأنه يبحث عن العمالة المصرية، بل يرجوها أن تنضم للمشروعات القومية التى تقوم بها الدولة، لكن للأسف لا أحد يجيب، والدليل ما قاله الوزير نفسه بأن مدير تنفيذ مشروع الإسماعيلية الجديد طلب منه «نقاشين وبياض محارة»، فكان رد اللواء كامل «لو أتى إلىّ اليوم 200 عامل بناء هيشتغلوا النهاردة وللأسف اللى جاء 10».
لا أعرف سببًا للمشكلة على وجه التحديد، إعلانات متتالية عن الحاجة لعمالة، لكن الرد يكون بالإحجام، هل لأن هذه الإعلانات لا تصل للشباب.. أشك فى ذلك، لأن وسائل الإعلام تنقل ما يقوله المسؤولون عن المشروعات القومية وحاجتها للعمالة، بل إن بعضها تشرح للشباب طرق التقدم للعمل فى هذه المشروعات.. هل لأن هذه المشروعات تقام فى أماكن بعيدة يخشى الشباب من الذهاب إليها، ربما يكون ذلك هو السبب، لكن إذا كان الشباب يخشون الذهاب إلى السويس أو الإسماعيلية أو بورسعيد، فلماذا يلهثون للسفر إلى دول الخليج أو إلى ليبيا المليئة بالمخاطر.. أعتقد أن الأمر أكبر من ذلك، ويحتاج إلى من يتفرغ لدراسته بشكل جدى، لأن تكرار الأمر يكشف عن حالة غريبة تستحق من الدولة أن تدرسها للتوصل إلى الأسباب لعلها تضع يدها على الداء لتعالجه.
هل تستعين الدولة بعمالة من الخارج؟
الإجابة على هذا السؤال واضحة ولا تحتمل اللبس، فالدولة لن تستعين إلا بالعمالة المصرية، حتى وإن أثر ذلك على معدلات التنفيذ الزمنية، وهى الرسالة التى يفهمها الجميع مما قاله اللواء كامل الوزير بأن «الرئيس السيسى تمسك بتدريب العمالة المصرية»، وروى رئيس الهيئة الهندسية للقوات المسلحة حوارًا دار بينه وبين الرئيس السيسى، فقد جاء رجل أعمال مصرى صاحب توكيل شركة إيطالية عملاقة يساهم مع مصر فى توفير الماكينات التى تحتاجها فى عمليات الحفر للمشروعات الكبرى مثل قناة السويس، وطلب من اللواء كامل إحضار 20 عاملًا هنديًا وقال له «هجيب أسطوات أصحاب خبرة حتى لا نتعطل، وهؤلاء مرتباتهم أقل من المصرى الذى يتدرب»، فكان رد اللواء كامل عليه أنه يرفض هذا تماما.
ولكن فى المشروعات الكبيرة، وفى قرارات دخول عمال أجانب أو معدات أو شركات أو حرفيين فالأمر يجب عرضه على الرئيس عبدالفتاح السيسى، وقال الوزير: «أثناء اتصال الرئيس اليومى للاطمئنان على سير العمل فى المشروعات قلت له صاحب شركة كذا يرى أننا لم نستطع توفير 20 عاملًا مصريًا مدربا للعمل على الماكينات، وبدلًا من أخذ أشخاص من الشركات التى تعمل فى الداخل الذين يعملون أيضا معنا يطلب استقدام 20 عاملًا هنديًا وهؤلاء الـ20 يدربون الناس وأيضا نستفيد منه فى الانتهاء من المشروع أو الجزء الرئيسى فى المشروعات الخاصة بنا.. فقال الرئيس: كلامك مرفوض، نحن اتفقنا قبل ذلك أن ندرب المصريين، وأن نفتح بيوت الناس، وأن ندرب الشباب الذى يجلس بدون عمل، وأصرف له أثناء التدريب 1200 جنيه الحد الأدنى المقرر فى الدولة، ولو خلص التدريب خلال شهر ينتقل إلى عامل تشغيل ماهر براتب كبير».
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة