السيد عبد الوهاب يكتب: حوارات الناس

الجمعة، 26 فبراير 2016 12:00 ص
السيد عبد الوهاب يكتب: حوارات الناس نقاش – أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يكفى أن تجلس على مقهى مع بعض أصدقائك، أو تُجرى بعض المكالمات التليفونية ببعض المعارف أو الزملاء أو الجيران، أو أن تقوم بزيارة قصيرة لأقاربك وأسرتك فى الريف إن كنت من سكان المدينة، لتتعرف على انطباعات الناس وآرائهم حول المجتمع وأحواله، فتجد أن الناس ما بين قلق أو مترقب أو خائف أو متحفز، قلقون من التحديات والصعاب التى تشهدها البلاد، ومترقبون لأى جديد فى الأحداث أو الأخبار التى يتابعوها كل لحظة عبر وسائل ونوافذ الإعلام المختلفة، خائفون من المستقبل سواء فى مداه القريب أو البعيد ليس لديهم أمل كبير فى التغلب على الأزمات المتلاحقة بسهولة، وإن كان لديهم بعض من العزيمة والإيمان يبدو فى تفاؤلهم اللحظى بأن بعد العسر يسرا وأن الأزمة مآلها إلى انفراج، يستدعون عباراتنا التنشيئية "أشدتى يأ أزمة تنفرجى" و"التساهيل على الله"، وهم فى الوقت نفسه متحفزون لأى يد تطال أمن البلاد أو أمنهم الشخصى أو أمن من يحبون، أو تطال لقمة العيش المغموسة بالضغوط اليومية، يعلنون تذمرهم فى سخط واضح لأى تجاوز أو بلطجة باسم الشعارات أو باسم الثورة أو الوطن أو الدين.

هؤلاء هم مقياس الرضاء الشعبى لأى نظام سياسى ولأى حكومة، وهم مقياس الآمان الاجتماعى فى أى بلد، وهم عامود أستقراره وثباته فى مواجهة أى خطر، يتفقون على ثوابت الوطنية الحقة، ليست لديهم رفاهية المفاضلة بين الممكن والمستحيل بل يعرفون أن الأوضاع التى تعيشها البلاد ليست بخير كلية ولكنهم لا يفقدون الأمل فى أن الأفضل سيأتى يوم ويتحقق، يعولون كثيرا ً على الرئيس ومؤسسات الوطن الراسخة لديهم بصيرة بأن التغيير لن يأتى بين عشية وضحاها وأن الالتفاف والالتحام لا بديل عنه لردع كل من تسول نفسه المساس بالوطن.

يريدون من يطمئنهم على مستقبل أولادهم من خلال مؤشرات العمل اليومى للحكومة والمسئولين التنفيذيين، يريدون علاجاً معنوياً لمخاوفهم المشروعة، فالكثير منهم أصبحوا قادرين على التمييز بين من يهوى التطبيل ونفاق السلطة وبث سموم الفتنة بين فئات الشعب وبين من يبتغى مصلحة الناس والعباد ولا يميل إلى التعميم أو التضليل، فهم يريدون من يعبر عنهم بصورة موضوعية بعيداً عن المزايدة أو المتاجرة الرخيصة.

يتداخل فى حواراتهم الخاص بالعام، وكأن لديهم رغبة حثيثة على مدار الوقت فى أن يصغ إليهم من بيدهم الأمور، رغم أن الكثير منهم غير مشغول بمسائل الحكم والساسة، أو حوارات المثقفين والنخبة، ولكنهم يعبرون عما بداخلهم بطريقة عفوية نابعة من فطرتهم السليمة، يرون فى حواراتهم نوع من الفضفضة والتنفيس عن الذات، وكعادة المصريين تكون شخصيهم حاضرة فى حواراتهم فبينما يتخللها مزاح وتنكيت أحياناً يتخللها جد وتبكيت أحياناً أخرى، وتنتهى عادة بتصبر وتوكل على الله.

هذه الحوارات سواء جاءت فى نطاق مفتوح أو محدود بمثابة استقصاء رأى شبه دورى لعينة صغيرة من الناس، فيكون من الأجدر لكل مسئول فى هذا البلد صغيراً كان أو كبيراً أن يحافظ على رصيده الإيجابى فى حوارات الناس ونقاشاتهم باعتبارها المرآة والانعكاس لكل أفعالهم وقراراتهم.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة