محمود سعد الدين

شاهد على خطاب الرئيس (1)

الجمعة، 26 فبراير 2016 01:04 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كيف تناولت «السوشيال ميديا» كلمة السيسى؟
الصدفة وحدها كانت السبب وراء الجلوس فى مقاعد الصف الرابع بمسرح الجلاء على بعد أمتار قليلة من الرئيس عبدالفتاح السيسى وبجوار 3 من ضباط الحرس الجمهورى، بينهم قائد الحرس الذى كان فى وقت سابق الحارس الخاص بالمعزول مرسى، وقت أن كان رئيسا للبلاد.

رغم أن اللقاء بمسرح الجلاء كان معدا للحديث عن المستقبل ومصر 2030، إلا أن كل ما جرى كان للنقاش حول الماضى، حول 20 شهرا من حكم الرئيس السيسى، وبدا واضح من بداية اللقاء أن الرئيس سيتحدث باستفاضة، وتجلى ذلك فى أولى مقاطعاته، خلال حديث طارق عامر محافظ البنك المركزى على المنصة وبالمناسبة، طارق عامر، هو الوحيد بين الوزراء ومسؤولى الدولة الذى لم يتحدث من ورقة مكتوبة.

لوقت يزيد عن ساعتين استمعت لكلمة الرئيس بمزيد من الاهتمام، تفاعلت معها بالإيجاب، وبتحسن الأحوال عندما يتحدث عن المشروعات التى تم إنجازها وشعرت بالخطر على مجريات الأمور، عندما نقل القلق لنا بشأن الأوضاع الداخلية والخارجية، تخبطت فى إدراك بعض مصطلحات الرئيس التى قالها مثل: «أنا لو أقدر أبيع نفسى علشان البلد.. اللى يقرب من مصر هاشيله من فوق الأرض.. أنا مش هابطل أشتغل لحد ما أموت أو أكمل مدتى»، وكل تلك الكلمات والعبارات كانت ممزوجة بأداء انفعالى من الرئيس ونظرات لليمين واليسار مع توقف، ثم استكمل فى لوم مستمر منه لوزراء الحكومة على مشاريع متأخرة.

خرجت من اللقاء بيقين أن الرئيس يدرك خطرا، لهذا تحدث بالطريقة التى خرج بها، وتحدث عن المواضيع التى تناولها، عن الاقتصاد، السياسة، البرلمان، الدول العربية، الدولار، سد النهضة، وغيرها. الأرقام التى كان يستعرضها كان يريد الدلالة بها على أنه ليس الموظف رقم واحد فى البلد الذى يراجع فى النهاية، ولكن أقل موظف فى البلد يدخل فى كل التفاصيل، وبمناسبة التفاصيل، فالرجل كرر تلك الكلمة مرتين، عندما ذكر أنه جلس مع وزير الإسكان 9 ساعات متتالية، لمناقشة المشروعات السكنية.

خرجت من اللقاء، مترقبا، ردود فعل الوزراء الجالسين أمامى على المقاعد، لاحظت مناقشات جانبية ثنائية وثلاثية، تتكرر فى الممر أمام منصة مسرح الجلاء، ومثلها للصحفيين والعسكريين المشاركين فى اللقاء، وجميعها لم تخل من الحديث عن انفعالات الرئيس، غير نقاش واحد بين 2 من الشخصيات المهمة بالدولة، كنت أمر بجوارهما، الأول قال للثانى: «شوفت الورقة اللى الرئيس أخرجه من جيب البدلة.. فرد الآخر آه لاحظت حاجة بس إيه دى»، فأجاب الأول: «الورقة دى كان فيها أرقام مهمة وبيتكلم فيها»، فعقب الثانى: «أنا كنت جالس فى اليسار، وما أخدتش بالى».

هذه الورقة راقبتها أنا أيضا، هى ورقة المعلومات الرئيسية والأرقام التى تحدث الرئيس منها عن حجم الدين والميزانية وأرقام الكهرياء والصناعة، وهنا يجب التوضيح أن الرئيس كان أمامه ورق آخر وهو يتحدث، لكنه لم يقرأ منه وقرأ فقط من تلك الورقة الصغيرة، وعندما قرأ، كان يقول: «اكتبوا ورايا علشان تعرفوا مصر فيها إيه».

بعدما انتهى اللقاء، وغادرنا مسرح الجلاء، وأنا ممتلئ بشحنات خوف حقيقى على البلاد من واقع مسؤولية يعلنها الحاكم على الهواء مباشرة، متجسدة فى أرقام خطيرة بالبلاد، وجدت مئات التعليقات السخرية على مواقع التواصل الاجتماعى، تعليقات تركت كل جيد فى اللقاء وسلطت الضوء فقط على عبارة «أنا ممكن أبيع نفسى»، وللعلم، وهذه شهادة أمام الله، الرئيس قال تلك العبارة «بروح وطنية» يريد من خلالها الدلالة على أنه يعمل أى حاجة لأجل مصر.

ومن هنا يبدو الفارق بين من يحكم ومن يلعب على «السوشيال ميديا»، من يدرك خطر البلاد ومن يفرح بتعليق ساخر، من يتحدث بارتجال عن إدارة البلد دون حساب للحديث، ومن يتقبل تلك التلقائية بأنها هرج وهذيان.. وغدا البقية.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة