فى مصر فضائيات فاشلة وبرامج ساقطة لا تجد وسيلة لجذب الانتباه وتحقيق نسب مشاهدة عالية على القناة أو اليوتيوب سوى استقدام التوافه من الناس الذين يثيرون البلبلة أو يسبون الناس أو يشتمون الدين أو الصحابة أو الأفذاذ. فقد عجبت وأنا أشاهد منذ أسبوع مذيعاً يستضيف أحد مدعى النبوة ليناقشه فى حضور آخر ليرد عليه وكأن مصر ناقصة "جنون وخبل " ليتمه هذا الرجل ببرنامجه الذى لا لون له ولا طعم ولا رائحة ولا فائدة.. والغريب أن هذا الرجل لا تعرف وظيفته بالضبط فهو خريج علوم وتارة يتقمص دور الطبيب وياليته يطرق مثل كل الأطباء تخصصاً واحداً بل تراه يتحدث وينظر ويعالج المرضى فى كل التخصصات ويصف العلاج على الهواء مباشرة.
أحياناً أفكر فى كثير من البرامج على بعض القنوات فلا أرى لها لوناً ولا طعماً ولا رائحة ولا قيمة ولا معنى ولا متعة ولا علم ولا فكر وحينما تقارن مثل هذه البرامج ببرنامج رائع مثل "المسامح كريم" للإعلامى الرائع "جورج قرداحى "أو برنامج " مفيش مشكلة خالص " للمبدع محمد صبحى، تريد أن تمحو مثل هذه البرامج من خريطة التلفاز المصرية لأنها تشين بلادنا. لقد كانت كل حلقة فى برنامج صبحى لوحة إبداعية رائعة تشمل الأغنية الرائعة والشعر الرصين والتمثيل المسرحى الهادف والمعالجة الاجتماعية الرصينة.
إننى أعتبر أن برنامج "مفيش مشكلة خالص" هو ثورة اجتماعية إصلاحية مصرية وهو باكورة للإصلاح الاجتماعى والأخلاقى على الشاشة واعتبر أن محمد صبحى سينضم إلى قائمة رواد الإصلاح الاجتماعى عن طريق القنوات الفضائية والمسرح كما كان المرحوم عبد الوهاب مطاوع رائداً للصحافة الاجتماعية المصرية، والذى لم يلحقه أحد فى الصحافة الاجتماعية حتى الآن، والتى تشهد قصوراً خطيراً فى السنوات الأخيرة.وإذا استمر محمد صبحى فى تقديم برنامجه فى الأعوام المقبلة سوف يكون لهذا البرنامج أثر عظيم لأن مصر مهددة اجتماعياً وأخلاقياً أكثر مما هى سياسياً واقتصادياً.
ولك أن تقارن بين برنامج شامل ومتكامل وجذاب وكوميدى دون إسفاف أو ابتذال يقدمه مبدع رصين مثل محمد صبحى ومجموعة رائعة من شعراء وممثلين وكتاب ومخرجين، وبين برنامج"5 موااااه"أو "نفسنه" مسابقات الرقص الشرقى أو البرامج التى تعج بالعرى الفاحش حتى فى عز الشتاء وكأن هؤلاء ليسوا من مصر ولا يعرفون طقسها، ومشاعر أبنائها، فضلاً عن البرامج التى تستضيف بعض الفنانين والفنانات وتسألهم أسئلة خادشة لحياء المشاهدين فى البيوت، فهل نحن أمة "أقرأ" أم أمة "ارقص" ومن ذا الذى يتصدى للقدوة لهذه الأمة ويتصدر لتعليمها عبر القنوات. فهل يليق بهذه الأمة أن تتعلم ممن لم تحصل على الشهادة الابتدائية ؟ وهل يحتل هؤلاء موقع العقاد والمازنى والزيات وهيكل وأحمد شوقى وحافظ وأحمد محرم وبطرس غالى وأحمد بهاء الدين والشيخ الغزالى والشعراوى وحسنين مخلوف وأمثالهم..
يا قوم.. من إعلام الأمة تُعرف الأمم ،ومن مدارسها وجامعاتها وشوارعها، والكلمات التى تخرج حين الخلاف بين أبنائها، طريقة تحاور الناس، واهتمامات الناس، ونسب الزواج والطلاق، من كل ذلك وأشباهه تعرف الأمم. أمتنا حتى الآن لا تصنع التوك توك وتستورده وجامعاتنا كلها لم يحصل أحد من أساتذتها على نوبل فى حين أن جامعة واحدة هى أكسفورد حصل 60 أستاذاً فيها على نوبل. جامعاتنا كلها خرجت من التصنيف العالمى وأفلامنا ليس فيها فيلم حصل على أوسكار، ليس لدينا صحفى عالمى بعد هيكل، ولا أفلام وثائقية حقيقية توثق تاريخنا وتعرف العالم به . فهل هذه خير أمة أخرجت للناس أم أن أمتنا اليوم خارج التاريخ والجغرافيا والزمان والمكان والحاضر والمستقبل فمصير العراق يقرره غيرنا، ومصير سوريا كذلك، وتلحق بهما ليبيا، فكل الأوراق بأيدى غيرنا ورغم ذلك لن نيأس لأن المخلصين يملأون مصر ولكن معظمهم لا يعرف سبيل العمل لإعزاز الدين والوطن ولكن محمد صبحى الفنان المبدع المحب لوطنه عرف هدفه جيدا وحدد طريقه بدقة.
تحية إلى محمد صبحى وفريق عمله، وتحية لكل من أراد الخير لوطنه وشعبه.. وهدى الله كل من يطعن الدين أو الوطن أو يريدهما بسوء.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة