إسراء عبد الفتاح

محاكمة الخيال..الوضع الحالى فيما يخص المناخ الفكرى والثقافى يحتاج إلى وقفة جادة

السبت، 27 فبراير 2016 09:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
بعد حبس الورقة بالخطأ، حكم على الخيال بالحبس سنتين مع سبق الإصرار والترصد.. حكم على الخيال بالحبس لأنه خدش الحياء العام، ولم نسمع عن محاكمة الفعل «ذات نفسه» الخادش للحياء العام، وللآدمية الإنسانية- كالتحرش مثلًا- بمثل هذه العقوبة!

نعاقب الخيال ونتجاهل الفعل! فإلى أين تتجه الدولة المصرية، إلى العصور الوسطى الظلامية أم إلى ماذا؟.. حبس البحيرى، ثم الحكم بحبس ناعوت، ثم حبس ناجى، ناقوس خطر نحو حرية الفكر والإبداع مهما اختلفت معهم ومع آرائهم، أو حتى وجدت ما يقولونه أو ما يكتبونه بعيدًا كل البعد عن الفكر والإبداع، ابتذالًا كان أو سطحيًا، قل وعبر عن نقدك كيفما تشاء، فأنا ضمن من يختلفون كلية مع هؤلاء الأشخاص، وغيرهم أيضًا، ولكننى سأقف دائمًا وأبدًا مدافعة عن حرية فكرهم، وحقهم فى التعبير عن رأيهم كيفما يشاءون، مادام لم يكن فيه سب وقذف وإساءة لآخرين بعينهم، حتى فى حالات السب والقذف هناك أحكام تصدر من القضاء بغرامة وتعويض فقط دون الحبس، وهذا ما نصت عليه المادة 67 من الدستور المصرى «حرية الإبداع الفنى والأدبى مكفولة، وتلتزم الدولة بالنهوض بالفنون والآداب، ورعاية المبدعين وحماية إبداعاتهم، وتوفير وسائل التشجيع اللازمة لذلك، ولا يجوز رفع أو تحريك الدعاوى لوقف أو مصادرة الأعمال الفنية والأدبية والفكرية، أو ضد مبدعيها إلا عن طريق النيابة العامة، ولا توقع عقوبة سالبة للحرية فى الجرائم التى ترتكب بسبب علانية المنتج الفنى أو الأدبى أو الفكرى».. لا توقع عقوبة «سالبة للحرية» فلماذا إذن الحبس سنتين؟!

وأتعجب، ماذا كان سيحدث إذا صدرت تلك الأحكام فى أثناء حكم الإخوان؟، بالتأكيد سيكون هناك حدث جلل، وسنسمع الصرخات الإعلامية هنا وهناك، والاستغاثات المجتمعية لحماية الهوية المصرية من الضياع! أما الآن فالصمت يسيطر على الموقف إلا ما ندر من بعض التحركات التى لا ترتفع لمستوى الحدث، خصوصًا مع تكراره، فأحمد ناجى ليس الأول ولن يكون الأخير مع حالة البرود المجتمعى تجاه حرية الفكر والإبداع، وهل بحبس المفكرين والأدباء سنحارب الإرهاب، ونتصدى لأصحاب الفكر الرجعى المتخلف؟، هل هكذا سنبنى مجتمعًا ثقافيًا صحيًا قادرًا على مهاجمة الفكر بالفكر؟، هل ترى الدولة أن التصدى الأمنى فقط كافٍ لمحاربة الإرهاب؟

أرى أننا ندعم الإرهاب الفكرى بحبس المفكرين والأدباء، وقمع حرية الرأى والتعبير.. أرى أننا نساعد على نشر القيم الرجعية فى المجتمع، ونحارب بكل قوتنا ثقافة التنوير ونقمع المبدعين والمفكرين.

إن التباطؤ فى تحويل مواد الدستور الخاصة بحرية الفكر والإبداع، مثل المادة 67، إلى تشريعات فى هذا المناخ الذى نعيش فيه من حبس لأصحاب الفكر والروائيين سيؤدى بنا حتمًا إلى كارثة، بالإضافة إلى عدم شعور أعضاء مجلس الشعب بخطورة ذلك، وتجاهلهم ضرورة أن تكون هذه التشريعات ذات أولوية قصوى، وبمدى زمنى قصير يدل على أن مجلس الشعب بعيد عن هذا المجتمع، ولا يمثل انعكاسًا صحيحًا لما نمرّ به من أزمات.

إن الوضع الحالى فيما يخص المناخ الفكرى والثقافى يحتاج منا إلى وقفة جادة تصل إلى مستوى الحدث، ولا تقل فى حسمها عن وقفة الأطباء، فالتجاهل واتخاذ إجراءات غير صارمة، مثل إصدار البيانات أو إطلاق الهاشتاجات وحملات التضامن لن يغير كثيرًا فى الوضع القائم، ولكن لابد أن نفكر خارج الصندوق، وأن يكون هناك رد فعل مماثل فى قوته لانعقاد الجمعية العمومية للأطباء بعشرات آلاف الأعضاء، ومئات المتضامنين، فكما ذكرت فى مقالى الأخير فإن التغيير بالضربة القاضية لن يحدث النتيجة المرجوة منه، إنما التغيير التراكمى بتجميع النقاط «نقاط الأطباء + نقاط الأدباء والمفكرين»، وسياسة الأمد الطويل، أعتقد سيكون أكثر فاعلية، وأثمر إنتاجًا، وأطول عمرًا، وأقوى أساسًا.. فكروا تانى.. فكروا صح.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة