هل مجلس النواب ظالم أم مظلوم؟.. منذ انعقاد الجلسة الأولى لمجلس النواب والهجوم مستمر عليه، خاصة فى ظل التركيز الكبير على بعض الأعضاء المثيرين للشغب والمشاكل أيضًا، وتجاهل الإيجابيات الكثيرة التى يمتلئ بها برلمان مصر، والغريب أن العالم كله يحتفى بهذا البرلمان، فى حين نحن فى مصر مازلنا ندور حول أنفسنا، ولا نريد إلا أن نرى السلبى فقط، وأصبحنا محصورين بين توفيق عكاشة ومرتضى منصور، وكأنهما لسان حال البرلمان الذى أكمل عقد خارطة الطريق التى رسمها المصريون فى 3 يوليو 2013.
قبل الحديث عن نظرتنا للبرلمان دعونا فى البداية نطلع على بعض الأرقام المهمة، فالبرلمان به 595 عضوًا بعد قبول استقالة النائب المعين المستشار سرى صيام، ومن بين النواب 448 فازوا بنظام الفردى، و120 على القوائم، فيما عين الرئيس عبد الفتاح السيسى 28 نائبًا أصبحوا الآن 27 بعد استقالة صيام، ويضم المجلس ممثلين لـ 19 حزبًا، وللمرة الأولى فى تاريخ البرلمان المصرى نشهد تمثيلاً للمرأة وصل إلى 87 امرأة، فضلاً على أن ثلث الأعضاء من الشباب البالغ عددهم 185 شابًا، كما أن بالمجلس 9 أعضاء من ذوى الاحتياجات.
كل هذه الأرقام تكشف عن التنوع بمجلس النواب، فى تشكيلة نراها للمرة الأولى، ووفقًا لإحصائيات فإن 50 % من أعضاء البرلمان الحاليين يمارسون العمل البرلمانى للمرة الأولى، أو بمعنى أدق فهم للمرة الأولى يحصلون على عضوية البرلمان، وبالطبع فإن هؤلاء أمامهم وقت ليس بالكبير بالطبع لكى يستوعبوا الأداء البرلمانى، ويتعلموا الأدوات البرلمانية، ومن الظلم التسرع بالحكم عليهم وعلى أدائهم بعد عدة أسابيع.
فالبرلمان يوجد به تنوع إيجابى فيضم عناصر شبابية سيكون لها بالتأكيد مستقبل، لكن هؤلاء ينقصهم الاهتمام، فضلاً على تقديم المساعدة لهم بالشكل الذى يصقل مهاراتهم البرلمانية، ويساعد على ظهور برلمانيين قادرين على الأداء التشريعى أو الرقابى، الذى حدده الدستور والقانون.
مجلس النواب مظلوم، لأننا اختصرناه فى بعض النواب المعروفين بمشاكساتهم الشخصية.. نصبنا هؤلاء وجهة للبرلمان، وتجاهلنا الإيجابيات الكثيرة التى تمتلئ بها قاعة البرلمان المصرى، نسينا أو تجاهلنا النائب المخضرم الكبير كمال أحمد، وعبد المنعم العليمى، وقائمة طويلة من الشباب الملىء بالطاقة وحب الوطن أيضًا والرغبة فى العمل والإصلاح، تجاهلنا هيثم الحريرى، وجون طلعت، ورانيا علوانى، وغيرهم الكثير ممن يحملون على أكتافهم مستقبل مصر. مجلس النواب مظلوم حتى الآن، لأننا لم نعطه ما يستحقه، فالبرلمان ليس خناقات واشتباكات فقط، إنما أداء بما يصب فى الصالح العام للدولة، فلا يخلو برلمان فى العالم من اشتباكات بين النواب، وليس هناك برلمان خالٍ من شخصيات مشاكسة أو تغرد خارج السرب والمنطق أيضًا، لكن لا تأثير لهؤلاء على أداء البرلمان وصورته، وهو ما ينبغى أن ننظر له فى مصر، فبرلماننا أمامه تحديات كبيرة، ويجب ألا نقف عند خلاف هنا أو هناك، بل علينا دفعه للتركيز عل القضايا الكبرى، وأن نتجاهل أصحاب اللامنطق واللاوعى.
كيف يدرك الشعب أهمية البرلمان؟.. مجلس النواب أيضًا عليه مهمة ثقيلة، فحتى الآن لم يبرهن للمصريين عن قوته.. نعم أخذت القوانين الصادرة فى عهد الرئيس الانتقالى، المستشار عدلى منصور، والرئيس الحالى عبدالفتاح السيسى وقتًا لإقرارها أو الاعتراض عليها ورفضها، كما حدث فى قانون الخدمة المدنية، لكن وبما أن هذه المهمة انتهت فعلى البرلمان أن يبدأ فى مناقشة القضايا المهمة للمواطنين، فأمامه قائمة طويلة من المشاكل والأزمات التى تحتاج لتدخل منه لحلها أو وضع حل لها، وربما يكون من المفيد أن يستمع النواب لنصيحة الرئيس عبدالفتاح السيسى بأن يتوجهوا إلى المصريين فى النوبة، وسيناء، ومرسى مطروح، ليجلسوا معهم ويتعرفوا على مشاكلهم ويعملوا على حلها، فهذا جزء مهم من مهام النواب ومسؤولياتهم، فالمسؤولية لا تقف عند حد الرقابة على الحكومة والتشريع فقط، إنما بالانتقال إلى المواطنين والاستماع لشكواهم وتبنيها، لأن النواب فى النهاية هم ممثلون للشعب، وعليهم أن يبقوا جزءًا من الشعب.
من العدل أن نرفع من شأن إيجابيات برلماننا، ونترك المهوسين بأنفسهم ولا نعيرهم أى أهتمام.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة