دندراوى الهوارى

إلى الأراجوزات المسخفين من «صبح على مصر بجنيه».. طز فيكم

الأحد، 28 فبراير 2016 12:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
للأسف، طوال السنوات الخمس الماضية، انهارت فيها الصناعة، وتراجعت الأسواق، وأصبح الاقتصاد المصرى على المحك، ما عدا، صناعة الوهم التى ازدهرت بقوة، بجانب ازدهار ورواج سوق «تجارة الكلام».

صناعة الوهم، عمادها نسج الخيال والكذب وقلب الحقائق وتحويلها إلى خيوط تبدو متشابكة، على شكل «بوست وتويتة» والدفع بها إلى سوق تجارة الكلام، على مواقع التواصل الاجتماعى «الفيسبوك وتويتر» وبعض المنابر الإعلامية، ويتحول الأمر إلى «هرى» ليل نهار، وتخرج اللجان الإلكترونية «مشمرة» ساعديها فى حملة «تشيير وريتويت» ضخمة.

وقبل أن ينتهى الخطاب المرتجل للرئيس عبدالفتاح السيسى يوم الأربعاء الماضى بمسرح الجلاء، وجدنا سيلا جارفا من تنظيم «الأراجوزات والبلهوانات» يسخفون ويسفهون من طرح مبادرة «صبح على مصر بجنيه» من تليفونك، واعتبروا ذلك إحدى عجائب القرن، وأنها كارثة اقتصادية وقومية كبرى، والسابقة الأولى من نوعها فى تاريخ مصر الحديث والمعاصر، فى قلب سمج ومقيت للحقيقة.

وكونهم جهلة بالتاريخ، أو متعمدين طمس الوقائع التاريخية المماثلة، وفى كلتا الحالتين «مصيبة»، لكن تعالوا نسرد بعضا من الوقائع المتطابقة والتى حدثت فى تاريخ مصر، التى تؤكد أن مبادرة الرئيس السيسى، ليست الفريدة من نوعها.

فى عام 1882، قرر الشعب المصرى ومن أمامه الجيش مواجهة الإنجليز بالتبرعات، وفى 1902 قرر المصريون تأسيس «البريد المصرى» بالتبرعات، وفى عام 1908، تم تأسيس جامعة القاهرة والتى كان اسمها «الجامعة المصرية»، بالتبرعات، عندما انبرت نخبة من قادة العمل الوطنى ورواد حركة التنوير والفكر الاجتماعى فى مصر حينذاك من أمثال محمد عبده، ومصطفى كامل، ومحمد فريد، وقاسم أمين، وسعد زغلول، لتحقيق حلم طالما داعب خيال أبناء هذا الوطن، وهو إنشاء جامعة تنهض بالبلاد فى شتى مناحى الحياة، وتكون منارة للفكر وأساسا للنهضة العلمية، وهى الفكرة التى لاقت معارضة شديدة من جانب سلطات الاحتلال البريطانى خاصة من عميدها اللورد كرومر، لكن المصريين قرروا جمع التبرعات وتأسيس الجامعة.

وفى عام 1909 تم تأسيس «مبرة محمد على» بالتبرعات، عندما قررت مجموعة من النساء على رأسهن «هدى شعراوى»، تأسيس أول تنظيم غير حكومى للخدمات وهدفه الرئيسى مساعدة أطفال المرضى والفقراء، وفى عام 1922 تم تشييد تمثال نهضة مصر بالتبرعات، وفى عام 1929 تم تأسيس مستشفى المواساة، بالتبرعات.

وفى عام 1931 تعرض الاقتصاد المصرى إلى هزة عنيفة نتيجة انخفاض أسعار القطن فى الأسواق، واستمرار استيراد الطرابيش من الخارج، مما دفع شابين يدعيان «أحمد حسين وفتحى رضوان» وكانا حينها طالبين بالفرقة الثانية بكلية الحقوق جامعة فؤاد الأول، إلى طرح فكرة «مشروع القرش»، وفيه مناشدة كل مواطن أن يتبرع بـ«قرش» لإنقاذ الاقتصاد الوطنى وتحرير صناعة الطرابيش وبناء مصنع محلى لإنتاجه، وأمرت حكومة «صدقى باشا» بتبنى المشروع، وكتب أمير الشعراء أحمد شوقى آخر قصائده ترويجا للمشروع «اجمع القرش إلى القرش.. يكن لك من جمعهما مال لبد».

كما كافحنا مشكلة السير «حفاة» فى الشوارع، وحملت عنوان مكافحة «الحفاء» عام 1941، وذلك بالتبرعات، وواجهنا السيول أعوام 1951، 1975، 1979، 1987، 1994 بالتبرعات، وخضنا حرب 1948، وحرب «القنال» 1951، وقاومنا العدوان الثلاثى عام 1956، ونكسة 1967، وخضنا حرب الاستنزاف 1971، وحرب أكتوبر المجيدة 1973 بالجهود الذاتية والتبرعات.

المصيبة أن تجار الكلام الذين يهاجمون مبادرة الرئيس، بعضهم يخصص فقرة من برنامجه لأصحاب القلوب الرحيمة بيعتمد على «التبرعات».

وننتقل من الداخل إلى الخارج، ستجد الولايات المتحدة الأمريكية «بجلالة قدرها» تتبنى التبرعات، بل تأسيس إسرائيل جاء بالتبرعات، ومازالت المنظمات اليهودية تتبنى التبرعات لتقوية الاقتصاد الإسرائيلى، بجانب أندية الروتارى والليونيز تمول مشروعاتها بتبرعات الأعضاء وسط عاصفة التصفيق.

إذن الأمر ليس الاعتراض على مبادرة الرئيس، من باب أنها السابقة الأولى من نوعها، وإنما محاولة حقيرة هدفها إسقاط البلاد وتدميرها، بمنع الناس من التفاعل مع المبادرة.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة