عادل السنهورى

«منير» فى جامعة القاهرة

الإثنين، 29 فبراير 2016 10:02 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الفن محرك ومحفز وباعث الحماس والشعور الوطنى
فى زمن آخر وظروف مغايرة عما تعيشه مصر فى السنوات الأخيرة كان من الطبيعى أن يغنى الكينج محمد منير فى جامعة القاهرة أمام آلاف الطلبة والطالبات، ويشدو بأغانيه العاطفية والحماسية فى حرم الجامعة المصرية.. أم الجامعات فى مصر، منارة التنوير، وإشعاع الثقافة والفكر الحر، وبوتقة العلم الحديث، ومنبع النهضة العلمية.

لكن فى ظروف تنامت فيها حركات العنف، وجماعات الإرهاب، وتيارات التطرف والظلام الفكرى داخل الحرم الجامعى، خاصة داخل جامعة القاهرة، فإقامة حفل غنائى مجانى ضخم لرمز الأغنية المصرية الحديثة فى الثلاثين عامًا الأخيرة، ومنذ بداية الثمانينيات، وأمام أكثر من 10 آلاف طالب وطالبة، وسط حراسة أمنية من قوات الشرطة، ساعدت على إخراج الحفل دون تجاوزات تذكر، فهى إرادة وشجاعة وجسارة من رئيس الجامعة الدكتور جابر جاد نصار الذى أصر على إقامة الحفل المجانى، انطلاقًا من الدور التنويرى لأم الجامعات المصرية، والتى كانت منذ إنشائها عام 1908 قبلة العلم والثقافة والفن والإبداع فى مواجهة الفكر المتطرف وجماعات الظلام والانغلاق الفكرى التى سيطرت على الجامعات المصرية، وجامعة القاهرة منذ منتصف السبعينيات، واستخدمت كل أنواع الإرهاب والعنف ضد الفن والإبداع والتنوير.

ورغم المعارك التى خاضها الدكتور جابر منذ توليه رئاسة جامعة القاهرة ضد الإخوان والسلفيين، ونجح فى إعادة الانضباط للجامعة، فإن تنظيم حفل محمد منير كان أكبر المعارك التى خاضها فى حضور آلاف الطلبة، وتحت قبة الجامعة الأسطورية، وأمام برج ساعة جامعة القاهرة الشهيرة، ثانى أقدم وأشهر ساعة على مستوى العالم بعد ساعة بيج بن البريطانية، فالحضور كان كبيرًا، والخوف من تسلل أى عناصر تخريبية وإرهابية بين صفوف الطلبة كان أمرًا واردًا، وتهديدات السلفيين قبله، ومعركة النقاب بينهم وبين رئيس الجامعة كانت تدعو للقلق من حدوث شىء يعكر الصفو، ويغلق أبواب الجامعة أمام أى حفلات غنائية أخرى، لكن بعد ساعتين كاملتين من غناء «منير»، وتفاعل الطلبة وحماسهم ابتهج قادة الجامعة والدكتور نصار، وارتسمت علامات النصر على وجهه، فهذه أخطر وأهم معاركه، وفاتحة للجامعات المصرية فى نفض غبار الخوف من جماعات التخلف، فجامعة القاهرة هى القاطرة التى تسير خلفها باقى الجامعات، والمنارة التى تهديها حتى تستعيد دورها فى تخريج قادة الفكر والتنوير مثلما كانت فى الماضى، ويتعانق العلم والفن داخل الحرم الجامعى، وتتفاعل باقى الأنشطة الثقافية والرياضية التى تقضى على فراغ استغلته حركات وجماعات التطرف لبث أفكارها المتطرفة فى عقول الطلاب.

هذا هو المعنى من غناء الكينج محمد منير تحت قبة الجامعة، فالفن هو محرك ومحفز وباعث الحماس والشعور الوطنى والموحد للأمة، و«منير» حرك حماس الآلاف مثلما فعلت فى الخمسينيات والستينيات وحتى بداية السبعينيات «الست» أم كلثوم، سيدة الغناء العربى، وفعل عبدالحليم حافظ وتحت قبة الجامعة.

على مسرح جامعة القاهرة شدَت «الست» بحوالى 20 أغنية منذ أول أغنية غنتها، وهى «قصة السد» عام 59، وغنت فى نفس الحفلة «أروح لمين»، وتوالت حفلاتها فى الجامعة، وغنت «نشيد الجيش»، و«يا سلام على الأمة»، و«فكرونى»، و«إنت الحب»، و«بعيد عنك»، و«أمل حياتى»، و«الأطلال»، و«فات الميعاد»، و«دليلى احتار»، و«هجرتك»، و«حب إيه»، و«سيرة الحب»، و«أراك عصى الدمع»، وأخيرًا عام 72 آخر حفلاتها «يا مسهرنى»، و«أغدا ألقاك»، كما وقف العندليب الأسمر يغنى على مدى سنوات، وغنى «وحياة قلبى وأفراحه»، و«بعد إيه»، و«فوق الشوك»، و«أحلف بسماها وبترابها»، و«رسالة من تحت الماء»، و«يا مالكا قلبى»، و«أى دمعة حزن لا». هذه هى جامعة القاهرة التى أرادها روادها ومؤسسوها، الشيخ محمد عبده، والزعيم مصطفى كامل، ومحمد فريد، وسعد زغلول، منبرًا للعلم، ومنارة للثقافة والفن والإبداع.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة