الاعتراف بالمحسوبية سيد اللأدلة
كان وائل الإبراشى يستضيف رئيس أكاديمية الشرطة السابق اللواء أحمد جاد منصور، وسأل الإبراشى: كيف ترد على ما يثار أن الواسطة تسيطر على اختيار طلاب الشرطة و«الكوسة»، ورد الرجل أتكلم بصراحة: أنت مش مكلمنى عن اتنين عاوز تدخلهم الشرطة؟! ابتسم الإبراشى: بس أنت ما أخدتهمش؟»، كانت إجابة رئيس أكاديمية الشرطة السابق صادمة، وإحراج الإعلامى واضحا، لكن ما جرى أن الرجل ألقى بالقفاز فى وجوه الجميع، كانت الحقيقة التى لا يتطرق إليها أحد، ولا يعترف بها هؤلاء الذين يمارسونها، ويكتفى كل واحد بالقول: نريد أن ننهى الواسطة، بينما هو وغيره متورطون فيها حتى آذانهم، ولا نعرض الأمر لإدانة الإبراشى، بقدر ما نكشف عن واقع فى المجتمع كله يدور ويلف حوله.
المجتمع كله غارق بالواسطة، ولا يوجد تصور أو تصديق أن هناك إمكانية لأن يصل مواطن إلى حقه من دون واسطة، حتى هؤلاء الذين يتقدمون إلى الشرطة والخارجية وتنطبق عليهم الشروط، يبحثون عن واسطة تضمن لهم الحصول على حقوقهم. والحقيقة أن الحديث كله يدور حول توريث المناصب وهى قضية مستمرة من سنوات يتفق فيها الجميع بكل أنواعهم واتجاهاتهم، حتى من يتحدثون عن التغيير والاستقلال كان أغلبهم يعتبرون تولى أبنائهم مناصب بالتوريث أمرا لا جدال فيه، وقد اخترعت المؤسسات المختلفة فى الكهرباء والبترول والبنوك قواعد التوريث بلا قانون ولا قاعدة.
الكل إذن متورط فى الواسطة والمحسوبية، وربما كانت بداية الخيط أن يتفق كل المجتمع على إدانة الواسطة وأن يتوقفوا عن استعمالها، لكن الأمر يتطلب وضع قواعد واضحة شفافة للتوظيف والقبول والرفض، وأن يتم إعلان أسباب القبول والرفض بناء على القواعد العامة المجردة التى تضمن هذا، سواء من خلال لجان قضائية أو لجان عامة، المهم أن يكون هذا الأمر معروضا مثلما يحدث فى مكاتب التنسيق للثانوية العامة، التى تنجح بصرف النظر عن بعض التفاصيل فى اختيار قائم على الدرجات، وليس على أى عناصر أخرى.
الحل أن نتفق جميعا على إنهاء الواسطة تماما، مع وضع قانون يمنع توريث الوظائف الذى لا يختلف عن التوريث السياسى، وأن يكون تولى الوظائف بناء على المؤهلات والقدرات والكفاءة والتفوق وليس شيئا آخر، لأن التوريث والواسطة والمحسوبية هى التى دمرت الكفاءة وأفقدت الناس الأمل فى أى تقدم بل وتنشر الإحباط. فلنعترف جميعا بأننا قررنا إنهاء الواسطة، لكن الأهم أن نثبت أننا جادون فى إنهاء الواسطة.