وضع النائب كمال أحمد بحذائه النائب توفيق عكاشة فى مكانه الصحيح واللائق، فحين خلع حذاءه وضربه به بدا كأنه يأخذ ثأر المصريين من هذا الذى يدوس بحذائه كل معانى الوطنية التى يجتمعون عليها، وهى رفض التطبيع مع إسرائيل.
فعل النائب كمال أحمد ضد «عكاشة» جدد ذكريات عنه تحت قبة البرلمان منذ أن دخله أول مرة عام 1976، ففى هذا البرلمان رفض نهج السادات فى السلام مع إسرائيل، وها هو فى عام 2016 يرفض فعل التطبيع الذى قام به توفيق عكاشة، والذى وصل فى الإعلان عنه حد التبجح، وبدا من سلوكه كأنه يصدر للرأى العام وللعالم أنه يمارس فعله فى دولة عاجزة عن اتخاذ أى إجراءات من أجل مصالحها فى حفاظ الأمن القومى، فيتحدث مع السفير الإسرائيلى عن أزمة سد النهضة، والاستعانة بإسرائيل فى حلها مقابل مدها بمليار متر مكعب من المياه.
احتدم الجدل بين نواب البرلمان حول كيفية وقف هذا «الهلفوت»، وراقب المصريون- وبالطبع راقبت إسرائيل- كيف سيكون الحال فى جلسة مجلس النواب أمس، وعلى الفور قدم النائب كمال أحمد الإجابة الطبيعية والصحيحة، تلك الإجابة التى سيقول عنها «دعاة الحكمة» إنها خارج وقار البرلمان، وإن الناخبين لم ينتخبوا نوابهم حتى يجعلوا من ضرب الأحذية أسلوبًا بديلًا عن لغة الحوار، غير أن الرد على هؤلاء بسيط، ويكمن فى أن النواب لم ينتخبوا نوابهم من أجل التطبيع مع إسرائيل، ولم ينتخبوهم من أجل السير على جماجم الشهداء، ولم ينتخبوهم من أجل تزييف الحقائق وتشويه التاريخ، ولم ينتخبوهم من أجل أن ينال النائب «شو» إعلاميًا على حساب المصلحة الوطنية العامة.
كمال أحمد عبّر فى فعله عن ضمير وطنى، فى حين عبّر فعل توفيق عكاشة عن خيانة وطنية.. كمال أحمد يتسق مع مبادئه الوطنية، و«عكاشة» ما هو إلا حالة «هلفطة» يتم توظيفها للنيل من تاريخنا الوطنى، وللنيل من كل الشرفاء فى هذا البلد، وللنيل من الوعى العام بتسطيحه.
كمال أحمد خاض الانتخابات لأول مرة عام 1976 بوصفه ناصريًا يدافع عن منجزات ثورة 23 يوليو 1952، وزعيمها جمال عبدالناصر، وانتخبه أهل دائرته فى «العطارين» بالإسكندرية وفقًا لهذا الانحياز السياسى، كان شابًا وقتئذ عمره نحو 35 عامًا، وبحماس الشباب وإخلاصه لمبادئه عارض السادات بشراسة فى القضية الوطنية والاجتماعية، ونهجه العام المضاد لنهج جمال عبدالناصر، فكان نصيبه الطرد من البرلمان بقرار للسادات، وبعد ذلك حاول تأسيس حزب ناصرى باسم «تحالف قوى الشعب العامل»، لكن لجنة الأحزاب رفضته، وظل يناضل قانونيًا أمام القضاء من أجل الحصول على حكم قضائى بخروج الحزب، لكن المحاولات فشلت، وعلى الصعيد الشعبى واصل الترشح فى الانتخابات البرلمانية طوال عصر مبارك تحت شعار «الثبات على المبدأ»، لكن التزوير الذى ميز عصر مبارك فى الانتخابات كان هو سيد الموقف، وهكذا ظل التزوير يتم ضده، حتى أعاده الإشراف القضائى فى انتخابات عام 2000 و2005، ونجح فى الانتخابات الأخيرة ليواصل دوره النيابى.
يبدو أن نجاح كمال أحمد فى الانتخابات الأخيرة جاء من أجل هذه اللحظة التى نفذها أمس بضرب «عكاشة» بالحذاء، وهو فعل فى حقيقته ليس موجهًا ضد «العكش» فقط، إنما ضد كل الذين يتصورون للحظة أنه بمقدورهم الدوس على تاريخنا الوطنى، والاستخفاف بالشهداء، وممارسات أفعال الخيانة الوطنية فى الظلام، كما فعل «عكاشة» حين سافر سرًا إلى إسرائيل فى السنوات السابقة، وكشف عنه مؤخرًا كنوع من إطلاق لسانه فى وجه المصريين.
فعلها كمال أحمد لعل الآخرين يتعظون، حتى لا يتكرر معهم نفس الفعل!
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
fayez
انجازات 52