بدأت أمس الكتابة عن الحزب الناصرى فى ضوء قيادته الجديدة، وأستكمل..
تواصلت الراهنات، وارتفعت الطموحات الخاصة بالحزب بعد خروجه إلى الحياة السياسية بحكم القضاء عام 1992، وبالإضافة إلى ما ذكرته أمس من دلائل على ذلك، فإن مشهد المؤتمر الجماهيرى الذى عقده الحزب فى الدراسة رفع منسوب الطموحات، فالمؤتمر حضره نحو 20 ألف من معظم المحافظات، وعلى وقع الهتافات التى قادها «كمال أبوعيطة»، بدا الأمر فى اتجاه أن الناصريين يرفعون شعار: «نحن هنا»، وتعددت كلمات الضيوف، وجرت محاولات أن يقوم المذيع الكبير والتاريخى جلال معوض بأن يقدم ضياء الدين داود فى كلمته، لكن الرجل رفض اتساقا مع مبدأ قطعه على نفسه، وهو ألا يقدم أحدا بعد جمال عبدالناصر، واكتفى «معوض» بتقديم كلمة لـ«عبدالناصر» أذيعت بصوته من إحدى خطاباته، وربما لا ير البعض أنه لا فائدة من سرد مثل هذه الوقائع، ولكن فى الحقيقة هى مفيدة كدليل على الحيوية الفائقة التى كان عليها الجميع، وحالة الحماس المرتفعة.
وجد شعار «نحن هنا» ترجمة له فى مواضع متعددة فمثلا، منها شائعات بأن دوائر وشخصيات عربية نافذة تترقب الحزب، وفاء منها لجمال عبدالناصر، وكان ذلك من علامات الاهتمام العربى من المحيط إلى الخليج بالحزب، وتأتى أهميته من النظرة الرئيسية بأن مصر هى الأساس والعمود الفقرى لأى توجه قومى.
ومع زخم هذه الحالة طبع الحزب عشرات الآلاف من استمارات العضوية بتوقع تدافع الانضمام له، وكان هناك تسابق بين المحافظات للحصول على أكبر عدد من لاستمارات، وحين تمت مناقشة إصدار جريدة خاصة للحزب، استنكر الجميع أن يكون البداية بإصدار أسبوعى، ومما أتذكره وقتئذ أقوال من قبيل: «إزاى يكون لحزب الوفد جريدة يومية، والحزب الناصرى يبدأ بجريدة أسبوعية»، تردد هذا الكلام فى الوقت الذى دارت فيه عجلة المناقشات داخل حزب الوفد برئاسة فؤاد سراج الدين حول، كيفية تعامل «الوفد» مع «الناصرى»، وكيف سيكون شكل الحياة السياسية بعد خروج الحزب الناصرى، وتردد أيضا أن جريدة الوفد تعقد اجتماعات ترقبا للجريدة الجديدة التى سيصدرها الحزب الناصرى، وتردد أيضا أن ضياء الدين داود توجه إلى الكاتب الصحفى الكبير محمد حسنين هيكل، لمناقشته فى أمر إصدار جريدة الحزب، وأنه عرض عليه رئاسة تحريرها، لكن تم نفى هذا الكلام من هيكل، وأسفر الأمر على أن يكون الكاتب الصحفى الكبير ونقيب الصحفيين الأسبق كامل زهيرى رئيسا للتحرير، ومعه محمود المراغى، وجلال عارف، وبالفعل دارت الاجتماعات الخاصة بتأسيس الجريدة، وقاد كامل زهيرى بعضا منها.
هذا الزخم الذى صاحب عملية ولادة الحزب كان أعلى صوتا من سؤال أساسى هو: «لماذا ولد الحزب فى هذا التوقيت تحديدا؟ وهل هو دليل أكيد على رغبة السلطة فى أن يكون للناصريين حزبا خاصا بهم؟».
تعددت الإجابات عن هذه الأسئلة وأخذت شكل الاجتهادات التى تحمل معها سيناريوهات للمستقبل، فقيل مثلا، إن نظام مبارك يريد أن يحدث توازنا سياسيا فى الشارع مع جماعة الإخوان وكان لها الهيمنة وقتئذ، بدءا من السيطرة على النقابات المهنية، مرورا بتواجدها المكثف فى المشاركات العامة، وذكر أصحاب هذا الرأى بحماس، أن النظام يريد أن تدخل «الجماعة» والناصريون عبر حزبهم فى معارك سياسية متتالية استنادا على العداء التاريخى بينهما، وفيما تدور المسألة على هذا النحو، يقف النظام متفرجا بين الاثنين، بمعنى أن النظام هو الذى يستفيد، وقيل إن النظام فعل ذلك بعد أن خاب رهانه على حزب الوفد فى هذه المعادلة.
كان ذلك نوعا من الاجتهاد ليس أكثر، فلم تكن هناك إشارات قاطعة به.. يتبع.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد حما د
جمال عبد الناصر وحرب اليمن
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد حما د
حقيقة جمال عبد الناصر
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد حما د
الناصرية الجديدة
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد حما د
الناصريون
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد حما د
رسالة إلي انصار جمال عبد الناصر