استمرارا للكشف الذى نمارسه مع معرض القاهرة الدولى للكتاب، والقائم على المحاسبة طوال الوقت حيث نرصد الظواهر الموجودة ونعيد قراءتها والتعلم منها ونستطيع فى النهاية التعرف على أنفسنا بإيجابياتها وسلبياتها، فكما يطرح معرض القاهرة الدولى للكتاب أفضل الأشياء التى بداخلنا من مبادرات وحسن تنسيق بين منظمات المجتمع المدنى ويطرح أفكارا جديدة يمكن الاستفادة منها بشكل عام، فى الوقت نفسه يكشفنا أمام أنفسنا ويوضح بقسوة مناطق العجز الخطرة التى تهددنا وتهدد ثقافتنا وهويتنا، ولكى تعرف مكمن الخطر عليك أن تسأل أى طفل فى معرض الكتاب: ما الكتب التى ستشتريها؟ سيجيبك بلا تردد «هارى بوتر» وليس هذا مجرد ملاحظات فردية، فدور النشر الكبرى تخبرك بكل سهولة أن الأطفال يقبلون بشكل لافت على الكتب المترجمة.
وهذه المرة لا نملك سؤالا واحدا بل عدة أسئلة منها: هل مصر والوطن العربى لا يملكان مبدعين فى كتابة الأطفال قادرين على صناعة بصمة واسم يجعل أبناءنا منجذبين لقراءته؟ وهل كل كتابنا لا يملكون مشروعا وأننا نكتب بعشوائية؟ وهل أصبحنا لا نفهم عقول أطفال حوارى وقرى مصر أكثر من الأجانب؟ أم أن خيالنا فقير وتحكمه الأطر؟ هل التربية فى البيت والأب والأم هم السبب؟ أم الآن الإعلام المبهور بالغرب هو من يقود عقول وقلوب هذه الأجيال الناشئة؟ أو لعل المدارس الخاصة جعلت من التغريب منهجا لها؟.. ربما كل ذلك جميعا، وبالتأكيد هناك أسئلة أخرى كثيرة يطرحها هذا الموضوع.
وبالتأكيد نحن لا نصادر الثقافات الأجنبية ولا نرفضها، ونعتقد أنها جانب أساسى فى بناء الثقافة بوجه عام وعلى الأطفال أن يطلعوا عليها، لكن الاعتراض الذى نلوم به أنفسنا، أن هذه الثقافة الأجنبية تكاد تكون الوحيدة لكثير من هؤلاء الأطفال لا يعرفون غيرها ولا ينتمون ثقافيا لسواها، ونحن فقط نريد أن تصبح الثقافة العربية والمصرية هى الأول فى الترتيب، ثم يأتى بعدها من يريد، وبالمناسبة هذه القضية ليست محدثة بل قديمة عانت منها أجيال سابقة، لكن للإنصاف كانت الثقافة العربية تنافس بقوة ولم يكن الأجنبى يطغى بهذه الطريقة.
والحلول الحقيقية فى مثل هذه القضايا تكمن فى العلاقة الطيبة بين الإعلام ودور النشر معا وقدرتهما على الترويج لأعمال الأطفال الجيدة، كذلك تحويل القصص المميزة لأفلام «أنيميشن» وأفلام سينمائية هذا مع استضافة كتاب الأطفال فى البرامج الثقافية وتدشين عدد من الجوائز المتعلقة بأدب الطفل، وأن يكون تسليمها فى حضور قيادة الدولة وتشجيع الأطفال بقوة على كتابة القصص.. علينا أن نفعل كل ذلك وأكثر حتى لا نجد أنفسنا نعيش مع جيل لا يعرف نفسه.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة