من المفاجآت المذهلة أن تصادف القيادى الإخوانى عصام العريان حاضرا فى معرض الكتاب، من خلال كتاب يحمل عنوان «يوميات الثورة»، ويبدو أنه من عدة أجزاء، لأن الكتاب مدون عليه إلى جانب صورة العريان، عبارة «الجزء الأول».
أول ما يخطر على بالك وقبل أن تمد يدك إلى الكتاب الذى نشرته دار إخوانية تسمى «بداية»، أى عصام فيهم هذا الذى يظهر على غلاف الكتاب وفى كلماته؟ عصام الودود المستضعف الداعى للحوار مع كل القوى والفصائل الوطنية، أم عصام المتطاوس، المعتز بغلبة الجماعة بعد صعود مرسى إلى سدة الحكم؟ لا يمكن طبعا أن تفوت فرصة اقتناء الكتاب، الذى صدر كما هو مدون فى بياناته عام 2011، ليروى يوميات ثورة 25 يناير بعيون الإخوان، ومن خلال بياناتهم وعلاقتهم بالقوى السياسية المختلفة وميادين الثورة، ولا أدرى إذا ما كان الكتاب منتشرا ومعروفا ومعروضا فى منافذ البيع العادية أم لا، فعن نفسى كنت أصادفه لأول مرة وأين؟ فى معرض الكتاب.
على أى حال يتضمن كتاب العريان من حيث لم يرد مجموعة من النقاط التى تستحق التوقف عندها مرارا وتكرارا للتأمل والتدبر، أولها ما يورده المؤلف عن العلاقة الملتبسة بين الجماعة ومحمد البرادعى، فالعريان يورد فى كتابه أن البرادعى اتصل بالإخوان قبل نزوله مصر فى 2010 لتمهيد الأرض له عند مجيئه لقيادة محاولات تغيير السلطة القائمة آنذاك، ثم يورد العريان ملاحظة عن البرادعى أثناء التنسيق لجمعة الغضب، وكيف كان الرجل يؤكد على خوفه من حدوث فراغ فى السلطة بعد انهيار النظام القائم، واستعداده لتولى الرئاسة بشكل مؤقت، حتى انتخاب رئيس مدنى، وخوفا من تولى الجيش مقاليد الأمور، وعدم قبوله بتسليم السلطة، أما الملاحظة الأخيرة عن البرادعى التى يوردها العريان فتتعلق بمهمة خارجية ناجحة للبوب فى تصحيح صورة الإخوان فى الغرب قبل توليهم السلطة رسميا.
الملاحظة الثانية تخص علاقة الإخوان بالجيش، وكيف تغنى العريان وغيره من قيادات الجماعة بنزاهة الجيش ووطنية الجيش، وحرص الجيش على حماية ثورة الشعب وحقوق الشعب وممتلكات الشعب بعد الثورة، ويورد العريان شعار الجيش والشعب إيد واحدة، باعتباره الشعار الذى يلخص العلاقة بين الشعب وقواته المسلحة، كما يورد عبارات المديح للجيش فى جميع بيانات المرشد العام، وخاصة فى بيان 2 فبراير الذى أعلن فيه محمد بديع أنه يثمن الدور الوطنى الشريف الذى يقوم به الجيش، فهو جيش الشعب ودرع الأمة وحامى الوطن، ولا يمكن مع انقلابات وبذاءات الإخوان ضد الجيش الآن إلا أن نذكرهم بكلمات مرشدهم البراجماتى.
الملاحظة الثالثة التى تتضح من خلال سرد العريان التلقائى فى الكتاب، أنه وأثناء وجوده مع قيادات الجماعة فى سجن وادى النطرون، اختطف مفاتيح الحجز من الضابط المكلف، وخرج هو وقيادات الإخوان إلى فناء السجن حتى جاء اللواء عمر الفرماوى مدير أمن أكتوبر آنذاك لتحقيق مطالبهم، ثم يروى قصة مجىء زوج ابنته بالسيارة إلى السجن لاصطحابه دون أن يقول كيف تم الإفراج عنه، وكيف كان آلاف المساجين يسيرون على الطريق السريع بملابس السجن الزرقاء، بل ويعترف أن زوج ابنته كسر كمين الجيش عند بوابات القاهرة وهرب خشية إعادته للسجن، وأن الكمين أطلق الرصاص على السيارة التى تقلهم.
الملاحظة الرابعة تتعلق بطبيعة عمل الجماعة نفسها داخل المجتمع كجماعة أمنية استخباراتية و«جيتو» مغلق على ذاته، فيروى العريان فى سياق نقل اجتماعات مكتب الإرشاد من المنيل إلى جسر السويس، أن المرشد لديه طرق ووسائل للحصول على المعلومات، ومنها أن قيادات بالجماعة ألحوا فى إنشاء جهاز للمعلومات وتحليلها، وحتى إنشائه تم التوصية بنزول الإخوان والأخوات إلى النوادى والأندية التى يرتادها النخب العليا للبلاد، والإنصات جيدا إلى ما يتداولونه من أحاديث واستفزازهم لمعرفة المزيد، مع نقل هذه المعلومات إلى قيادة الجماعة. وللحديث بقية.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة