إيمان رفعت المحجوب

عن مؤسسات النمل!

الخميس، 04 فبراير 2016 11:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كانت هناك نملة صغيرة لا يكاد يصل طولها مليمترا واحدا، كانت النملة تعمل ليل نهار كالعمالقة فى دأب وصمت، تنجز مالا يحقق الصراصير! جلس كبيرهم يرقب النملة ناظراً جبل الطعام الذى خزنت، وتل الرمال الذى بمملكتها حصنت، قال فى نفسه يا للنشيطة الماهرة، الشنقيطة الباهرة المبهرة، أنام وعينها ساهرة! أكُل هذا حققتِ! ووحدها أنجزت!! ركزت وأوجزت! فخزنت و كنزت!! من دون معونة أو نصيحة! تؤثر التعب على عيشتى المريحة! كلمات نفدت! وفى صدره وخذت! وقلبه أيقظت! ماذا وأنا ذو البصيرة، إذا عَيَّنت نفسى عليها مديراً، وأكون لها رقيباً نذيراً، وأنا جهبذ الجهابذة، وعندى من الأفكار النافذة، والخطط الجاهزة، تجعلها فى الإنتاج ناجزة منجزة؛ ونصبح كلانا فى عيشة متميزة.

فأتاها نافشا جناحيه، ووقف مثبتا قدمية، جاحظاً عينيه، و قال بلهجةٍ جادة واثقة، فيها نبرة عنيفة، معلقاً شنباته الخفيفة: "إنتاجك لا يكفى استأنفى وضاعفى، من اليوم أدير العمل، وعليك أن تبلغى الأجل، وبعدها أجمع ما تحصدين، إن أحسنت وزدت، أفدت واستفدت، أعطك وأزيد، وهكذا نبدأ ونعيد، نفذى التعاليمَ، أعطيكِ المعلومَ، ماذا تصنع النملة؟ لا تستطيع النملة له منعا، ستطعه وتعمل له وتنتظر أعطى أو منعَ، مجبرة لا مقتنعة، فلا عاش من امتنعَ! ها هو شهر قد جبر، ولم تكذب النملة الخبر، وأتت النملة بما ادخرت، فغرت الصرصار وأبهرت! فقال الصرصار فى نفسه "النصف يكفينى ويزيد لكن هل يستوى السادة والعبيد! تعبت من المتابعة! ما لى لا أريح نفسى قليلاً وأستخلف صرصاراً ضئيلاً، يساعدنى وينوب عنى، فتزيد النملة فيما تجنى، وهذا منية التمنى؟ وهكذا أخذ كل كبير يجلب كل يوم آخرا صغيرا، ذا مديرٌ وذا نائبُ المديرِ وذا نائبُ نائبِ المديرِ! كثر الكبارُ والصغارُ، ولا تزال النملة فى إصرارِ، تملأ وحدها جل الكرارِ، حتى أتوا يوما وقالوا: قد زدنا وما تكفى الجبالُ، لابد لنا من تخفيض العمالة عانينا وما تكفى الثمالة، ما من طريق لتوفير العملة أمامنا ألا تسريح النملة!.


أستاذ بطب قصر العينى










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة