أنه السرطان لص الحياة الماكر ولكن على الرغم من دهائه، فالأبحاث الطبية أكدت لسنوات طويلة، أن السبب الأساسى للإصابة بالسرطان هو نمط الحياة فالإنسان هو من يترك نافذة جسده مفتوحة ليتسلل الورم السرطانى إليه.
الأمر فى مصر أكثر خطورة فالمصريين لديهم العديد من النوافذ (المخلعة) والتى يسهل على الخبيث أن يتسلل خلالها بسهولة.
وزارة الصحة العام الماضى أكدت أن أعداد المصابون بالأورام السرطانية بمصر فى تزايد مستمر ومرعب، ومن المتوقع طبقا للإحصاءات أن ترتفع نسبة مرضى السرطان إلى 25% من عدد المصابين خلال الفترة من عام 2013 إلى 2017.
وتبعا لخريطة الأورام السرطانية فى مصر فقد أحتل سرطان الثدى والليمفوما والدم أعلى نسب السرطان بأرض المحروسة.
وترجع زيادة أعداد المصابين بالأورام فى مصر بشكل خاص لعدد من العوامل التى تتميز بها مصر دون غيرها من البلدان.
فى السطور التالية وفى اليوم العالمى للسرطان الموافق 4 فبراير يساعدنا عدد من الاطباء، فى الكشف عن أهم عشرة نوافذ يتسلل من خلالها السرطان لأجساد المصريين.
النافذة الأولى: فيروس سى
15 مليون مريض مصرى مهددون بسرطان الكبد
فى البداية يوضح أستشارى أمراض الجهاز الهضمى والمناظير الدكتور محمد أنور سليمان أن الإصابة بالسرطان تحدث نتيجة ما يعرف بالموت المبرمج لخلايا الجسم، فهناك دورة حياة محددة لخلية الانسان وفى حالة تعرض تلك الخلايا لخلل بتلك الدورة تقع الإصابة بالأورام السرطانية.
أما عن مرضى سرطان الكبد فى مصر، فيؤكد دكتور ياسر صلاح أستاذ الأورام بالقصر العينى أن الإصابة بفيروس (سى) السبب الرئيسى للتعرض لأورام الكبد، ولما كانت مصر تحتل النسبة الأعلى لمرضى فيروس سى فهى بالطبع تحتل نسبة عالية لأورام الكبد الخبيثة.
يضيف أن السبب وراء ارتفاع نسبة المصابون بسرطان الكبد فى مصر يرجع بالطبع لإرتفاع أعداد مرضى فيروس سى والذى يعد بمثابة البوابة المختصرة للإصابة بالاورام، فالتهاب الكبد الفيروسى هو المرحلة الاولى لأورام الكبد، وفى حالة عدم السيطرة على انتشار الفيروس، تكون الإصابة بأورام الكبد أمرا حتميا.
فيما يؤكد الدكتور محمد أنور سليمان أنه من المحتمل أن تنخفض نسبة مرضى سرطان الكبد فى مصر، والفضل يرجع للعلاجات الجديدة لفيروس سى والتى تحمل نتائج مبشرة للقضاء على الفيروس بنهاية عام 2016 الامر وعليه سيتم القضاء على أهم مسببات أورام الكبد فى مصر.
النافذة الثانية: الاسبستوس
أخطر المواد الكيميائية والسبب الرئيسى لإنتشار سرطان الغشاء البلورى فى شبرا وحلوان
الاسبستوس أحد المواد الكيميائية التى اعتمدت العديد من الصناعات القديمة على الاستعانه بها لسنوات طويلة، ولكن بعد أن أكدت الابحاث والدراسات الطبية على خطورة تلك المادة توقفت أغلب دول العالم عن الاستعانة بها فى صناعتها بل أن العديد من الدول، تخلصت من الصناعات القائمة بالفعل على استخدام تلك المادة كشبكات الصرف الصحى.
فى مصر الوضع مختلف فمازال استخدام مادة "الاسبستوس" مستمرا ليومنا هذا، وهى المسئولة عن إصابة المصريين بأخطر وأندر أنواع الأورام وهى أورام الغشاء البلورى، والذى يعد من أقل أنواع الأورام انتشارا على مستوى العالم، لكن فى مصر الامر مختلف حيث تحتل المحروسة رأس القائمة فى اعداد المصابون بهذا النوع من الأورام وكلمة السر بالطبع هى "الاسبستوس".
تبعا لرأى دكتور ياسر صلاح أستاذ الأورام فمادة "الاسبستوس" من أخطر المواد الكيميائية تفاعلا مع جسم الإنسان وبالطبع فاستخدامها محظور دوليا، ولكن للأسف مازال هناك قائمة من الصناعات المصرية التى تعتمد بشكل اساسى على تلك المادة، أهمها صناعة الزجاج ومواد العزل ومواسير الصرف الصحى والسيراميك.
يؤكد ياسر أن استخدام تلك المادة ساهم فى اصابه المواطنون بمناطق محددة من الجمهورية بسرطان الصدر والغشاء البلورى وأهمها حلوان وشبرا حيث تنتشر هناك المناطق الصناعية، وبالطبع يتعرض المواطنون بتلك المناطق لاستنشاق أتربة الاسبستوس القاتلة.
النافذة الثالثة: الجبنة البيضاء والألبان المعلبة
الفورمالين المضاف لمنتجات الألبان فى مصر سبب رئيسى لأورام الجهاز الهضمى
الجبن البيضاء هى الغذاء الرئيسى على مائدة المصريين، فلا يخلو منزل فى أرض المحروسة من طبق الجبن البيضاء الذى يتناولونه يوميا فى وجباتهم.
مؤخرا انتشرت العديد من الأقاويل التى تؤكد خطورة المواد الحافظة المستخدمة فى صناعة الجبن والألبان فى مصر وتسببها فى الإصابة بالأورام السرطانية.
فى هذا السياق أكد استشارى أمراض الباطنة والمناظير الدكتور محمد أنور سليمان، أن مصانع الألبان ومشتقاتها فى مصر، للأسف تستخدم مادة "الفورمالين" كمادة حافظة لمنتجاتها الغذائية.
لافتًا أن مادة "الفورمالين" تستخدم بشكل أساسى فى حفظ الأنسجة البشرية، المستخدمة فى الأبحاث الطبية وتحنيط الجثث، وبالفعل فقد تم فى السابق الاعتماد عليها فى حفظ فى المنتجات الغذائية لسنوات عديدة.
لكن بعد أن أثبتت الدراسات خطورته "الفورمالين" على صحة الإنسان، توقف العالم أجمع عن استخدامها فى هذا الغرض.
أوضح د. سليمان أن الواقع المصرى لم يتأثر بالأبحاث المحذرة من استخدام مادة الفورمالين، ولا بالقوانين الدولية التى تحذر من استخدامها فى الطعام.
فرغم ذلك لا يزال الفورمالين فى مصر مكونًا أساسيًا فى تصنيع الألبان ومشتقاتها كالجبن والزبادى ويمكن القول إن مصر ربما هى الدولة الوحيدة التى ما زالت تستخدم تلك المادة فى حفظ المواد الغذائية.
وتابع: استخدام الفورمالين لا يقتصر على الجبن والألبان مجهولة المصدر، فأكبر الشركات الغذائية فى السوق المصرى تعتمد بشكل أساسى عليها فى حفظ منتجاتها، نتيجة الغياب شبه الكامل للرقابة المصرية على الغذاء، وهو ما يمثل تهديدًا مباشرًا لصحة المواطنين، فالفورمالين من أخطر المواد الكيميائية التى يمكن أن يتفاعل معها الجسم، وهى من المسببات الأساسية للأورام السرطانية الخبيثة.
النافذة الرابعة: السحابة السوداء وعوادم السيارات
تلوث الهواء ساهم فى ارتفاع نسب مرضى سرطان الرئة والبروستاتا بمصر
الزائر السنوى ثقيل الظل الجاسم على صدور المصريون منذ سنوات، أنها السحابة السوداء أهم مسببات تلوث الجو بالقاهرة وبعض المحافظات المصرية، وبالطبع فتلوث الهواء بشكل عام يعد من أهم مسببات الإصابة بأورام الجهاز التنفسى وتبعا لرأى محمد أنور سليمان فتلوث الهواء سواء الناتج من السحابة السوداء أو الناتج عن عوادم السيارات نتيجة لعدم الالتزام بقواعد ترخيصها التى تمنع سير السيارات الباعثة للأبخرة الضارة.
كل ما سبق وضع مصر فى ترتيب متقدم بين أعداد مرضى أورام الرئة والجهاز التنفسى، وفى جميع الفئات العمرية المختلفة، وهو الامر الذى يتطلب حلولا جذرية فى مشكلة السحابة السوداء، وتلوث الجو بأبخرة المصانع، وكذا عدم السماح بالسيارات الباعثة للأبخرة الضارة، من السير فى الشوارع وعدم منحها أى تراخيص سير، كما هو الامر فى معظم دول العالم التى تحترم حق مواطنيها فى التمتع بحياة صحية.
النافذة الخامسة: الشيشة
ارتفاع نسب المدخنين من النساء والشباب عجل بظهور السرطان فى سن مبكر
ارتفاع نسبة المدخنين ودخول شرائح جديدة إلى تلك الفئة كالنساء والشباب صغار السن، من أهم العوامل التى ساهمت بصورة كبيرة فى انتشار أنواعا معينة من الاورام، فى مصر أهمها أورام الرئة والبروستاتا والبنكرياس.
يؤكد دكتور محمد أنور سليمان أن مخاطر التدخين وأثاره السلبية أمرا معروفا منذ سنوات طويلة، لكن فى مصر تنتشر تلك الآثار بشكل خاص بين فئات عمرية صغيرة، نتيجة لانتشار تدخين الشيشة بصورة مفرطة فى السنوات الأخيرة وهو ما يمثل عاملا مساعدا وبقوة فى انتشار تلك الاورام.
يضيف أستاذ الجراحة العامة بطب القصر العينى الدكتور إبراهيم كامل عيادة يضيف إلى ما سبق أن انتشار تدخين الشيشة تحديدا فى مصر ساهم ايضا فى انتشار الحالات المصابة بمرض الربو، وهى ظاهرة ملفتة ويجب دراستها والعمل على علاجها بصورة مبكرة.
النافذة السادسة: المبيدات الحشرية للمحاصيل
استخدام كميات ونوعيات معينة من المبيدات أهم أسباب تكون الأورام السرطانية بالجسم
من أشهر القضايا التى تفجرت فى المجتمع المصرى منذ سنوات قليلة، هى قضية المبيدات والأسمدة المسرطنة والتى تستخدم فى المحاصيل الزراعية وظهرت عدد من الابحاث التى تشير إلى خطورة المبيدات والأسمدة المستخدمة فى مصر.
فى هذا السياق يؤكد محمد أنور سليمان أن استخدام المبيدات الحشرية للمحاصيل، أمرا يجب ان يتم بعدة شروط أهمها توقيت الرش ونوع المادة المستخدمة والكمية المرشوشة، وبالطبع فثلاثة شروط السابقة لا تخضع للرقابة المصرية وهو ما ساهم فى انتشار الأمراض القائلة والأورام الخبيثة بين المصريين وعلى رأسها أورام الجهاز الهضمى.
يضيف سليمان أن أغلب المصريين يمكنهم أن يلاحظوا بوضوح، وبمجرد استنشاق رائحة الفواكه والخضر المتوافرة بالأسواق حجم المبيدات ورائحتها المبالغ فيها وهو ما يؤكد أن عملية رش المحاصيل الزراعية تتم فى مصر بشكل غير دقيق.
النافذة السابعة: اللحوم المصنعة
خطورتها فى مصر مضاعفة والسر فى شركات بير السلم
أصدرت منظمة الصحة العالمية مؤخرا تقريرا يفيد بدمج اللحوم المصنعة كأحد مسببات الأورام الخبيثة وحذر من استخدامها.
أستاذة الأشعة التشخيصية لأورام الثدى بطب قصر العينى ومدير عام البرنامج القومى لصحة المرأة، الدكتور نجلاء عبد الرازق أكدت فى هذا السياق أن العالم أجمع فى طريقة للحد من استهلاك اللحوم المصنعة بعد تقرير منظمة الصحة العالمية الأخير.
لكن الأمر أشد خطورة فبجانب الآثار الصحية المدمرة لتناول اللحوم المصنعة، ففى مصر تحمل تلك الصناعة خطورة مضاعفة نتيجة غياب الرقابة الشبة تام على مصانع اللحوم بمصر، وهو ما ساهم فى ظهور مصانع بير السلم والتى تحصل على اللحوم المستخدمة من مصادر مجهولة المصدر وتعتمد على إضافة مواد شديدة الخطورة إليها.
كما ترتفع فى مصر فرص تلوث اللحوم المصنعة فى مرحلة التصنيع الاولى لها وهو ما يضاعف أيضا من خطورتها الصحية ويرفع من نسب التعرض للأورام السرطانية نتيجة تناولها.
النافذة الثامنة: أقراص الهرمونات البديلة فى مرحلة انقطاع الطمث
أهم أسباب مهاجمة السرطان لأثداء وأرحام المصريات
فى مرحلة انقطاع الطمث تلجا اغلب النساء لتناول اقراص الهرمونات التعويضية للحد من أعراض تلك المرحلة، والتى تحدث نتيجة لنقص هرمونات الانوثة بجسم المرأة.
عن أنواع تلك الأقراص المتوافرة فى مصر وخطورتها على صحة المصريات يؤكد استشارى أمراض النساء والولادة الدكتور عطية أبو النجا، أن أغلب دول العالم توقفت بشكل شبه كامل علن استخدام الأقراص التعويضية التى تعتمد فى تركيبها على الهرمونات حيوانية المصدر، والتى أكدت الابحاث والدراسات الطبية أنها أحد أهم مسببات الإصابة بأورام الرحم والثدى لدى النساء، وخاصة بعد انقطاع الطمث.
وقد تم استبدالها بأنواع أخرى حديثة ومطورة تعتمد على هرمونات الأنوثة نباتية المصدر، والتى تنعدم معها المخاطر الصحية السابقة.
فيما أن الأمر فى مصر لا يزال كما هو عليه، وللأسف فأغلب النساء لازلن يستخدمن ذات الأقراص القديمة، بل إن هناك نقصا واضحا لحد الندرة فى توافر الأقراص الهرمونية نباتية المصدر والمستوردة بالسوق المصرى.
الأمر الذى ساهم بصورة كبيرة فى انتشار أورام الرحم تحديدا بين النساء فوق الأربعين عاما.
النافذة التاسعة: البلهارسيا
السبب الرئيسى لسرطان المثانة
على الرغم من نجاح حملة القضاء على البلهارسيا فى مصر منذ سنوات، إلا أن أثر الإصابة بتلك الديدان مازال واضحا بين جيل كامل من المصريين، وهو ما ساهم فى وضع مصر على قائمة أعداد المصابين بسرطان المثانة على مستوى العالم.
هذا ما يؤكده دكتور ياسر صلاح موضحا أن مصر لا تزال تعانى حتى الآن من أثر انتشار البلهارسيا لسنوات، والضريبة هى أعداد مرضى سرطان المثانة فى مصر والذى يعد مرتفعا مقارنة بجميع دول العالم.
النافذة العاشرة: الدهون المشبعة وأحشاء الحيوانات
مهدت طريق الأورام الخبيثة للسيطرة على أمعاء المصريين
فى أحدث الدراسات الامريكية أكدت أن 90% من مسببات الإصابة بالأورام الخبيثة ترجع للعادات اليومية التى يتبعها الإنسان.
تعليقا على تلك الدراسة يؤكد الدكتور محمد أنور سليمان أن العادات الغذائية للمصريين من أهم مسببات سرطان الجهاز الهضمى والقولون.
يوضح سليمان أن نسب مرضى سرطان القولون تنتشر فى الدول التى تتميز بنمط غذائى يعتمد الاسراف فى تناول اللحوم لذا فهذا النوع من الأورام غالبا ما ينتشر فى الدول الغنية كالولايات المتحدة، كما أن النمط الغذائى للمصريين والذى يعتمد أكثر على تناول النشويات البسيطة والبقوليات بشكل أكبر من اعتماده على اللحوم فمن المفترض أن لا ترتفع نسبة مرضى سرطان القولون فى مصر.
الأمر اللافت للنظر أن تلك النسبة مرتفعة بالفعل وبشكل يبدو للوهلة الأولى غير مبرر، ولكن بالنظر لبعض العادات المصرية فى تناول الطعام يمكن تفسير ذلك فالمصريون يتناولوا كميات كبيرة جدا من الدهون المشبعة فى طعامهم. كالأكلات المقلية واستخدام الدهون المهدرجة كالسمن النباتى ومكعبات مرقة الدجاج، وكذا احشاء الحيوانات كالكوارع واللية وغيرها، وهو ما يمثل خطورة بالغة على الجهاز الهضمى ويعد من أهم أسباب الإصابة بأورام القولون لدى المصريين.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة