بعد فحص بسيط للموقف الطبى لعدد من مصابى ضباط الشرطة فى العمليات الإرهابية الشهور الماضية، اكتشفت أن أغلب الضباط سافروا للخارج لتلقى العلاج فى الخارج، وهو حق أصيل لهم بعد ما قدموه للدولة من تضحيات.. ولكن السؤال هنا: لماذا وصل حال الملف الطبى فى مصر لهذه الدرجة التى لا نستطيع أن نعالج بها مصابينا فى العمليات الإرهابية؟
السؤال هنا.. أليس لدينا مستشفيات ومراكز طبية حكومية وخاصة تصلح لإجراء عمليات طبية دقيقة كالتى يحتاجها ضباط الشرطة، وهل مصر لم تنتبه من واقع تجارب الشهور الماضية إلى أن منظومتنا الصحية فقيرة للغاية لا نستطيع الاعتماد عليها بشكل كلى؟
هنا مكمن الخطر، المنظومة الصحية، من بيئة صحية ومستشفيات ومراكز ونظام صحى وأدوية وطريقة علاج وكفاءة أطباء، كل لا يتجزأ، تعالوا نحللها بكل هدوء، لا قدر الله.. لو تعرض ابنك أو ابنتك لحادث طارئ، حاول مثلا اللجوء إلى أى مستشفى، فستجد صعوبات فى الاستقبال، وإن كانت الحالة متدهورة، فلن يستقبلك المستشفى بالأساس، ليس لأنه لا يستطيع تقديم الرعاية فقط، ولكن لأنه لا يريد أن يتحمل النتيجة بالوفاة فى النهاية، لا قدر الله.
حاول أن تزور مستشفيات الحكومة، مستشفيات الجامعة، فستجد ما يسرك، على بعد عشرات الأمتار من غرفة الرعاية المركزة، ستفاجئك أكوام الزبالة مع مشاهد تعكس عدم الاهتمام بالمريض الذى يقف بين الحياة والموت، وبخلاف ذلك ادخل أى عنبر فى أى مستشفى فستجد العشرات فى غرفة واحدة، مع خدمة التمريض الضعيفة المقترنة بالمعاملة غير اللائقة فى أغلب الأحوال.
لماذا كل هذا؟ لأننا للأسف بلا رؤية موحدة للمنظومة الصحية، بلا هدف، أو حتى مشروع قومى، مرة أخرى أبرر سفر ضابط أو اثنين أو 10 إلى الخارج بدعوى العلاج الدقيق وهو حق أصيل، ولكن تكرار السفر للخارج يعكس أن المنظومة الصحية بعافية وأننا متأخرون فى ملف الصحة إذا ما وضعنا أنفسنا فى مقارنة مع دول أخرى.
ناهيك عن الأمراض المتوطنة، وتأخرك كدولة فى التعامل معها وأهمها على الإطلاق أمراض الكبد والكلى التى انتشرت بشكل كبير فى دلتا مصر، لدرجة تحول مرض الكبد إلى «بعبع» يهدد كل أسرة فى الريف المصرى.
اسألنى أيضا عن التأمين الصحى، وكيف أنه مع رفع الدولة ومناداتها يوميا بشعار «التأمين الصحى للجميع» إلا أن المريض يواجه «المر» لكى يحصل على حقه فى الحصول على العلاج رغم أن هذا الحق منصوص عليه فى الدستور ووارد فى كل القوانين المنظمة للعملية الصحية فى مصر.
ملف الصحة يمر بحالة صعبة فى البلاد، ونعلم تماما أن الدولة تعطى له الأهمية حاليا، ولكن لا يجوز أن تتم مساواته بالملفات الأخرى، يجب تقديم الاهتمام به وترتيبه على رأس الأولويات، لأن فقدان الصحة يترتب عليه الحياة أو الموت، يترتب عليه أن نكون دولة قوية تستطيع علاج أبنائها المصابين فى العمليات الأمنية التى تحمى البلاد أو نكون دولة عاجزة لا تستطيع علاجهم ونرسلهم للخارج لتلقى العلاج.
ملف الصحة بالأساس هو ملف أمن قومى، ينطبق عليه كل معايير الأمن القومى، يؤثر بشكل أساسى فى ولائه وانتمائه للبلاد، يؤثر فى علاقته بالسلطة والحاكم، يؤثر فى قبوله للحكومة من عدمه.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة