هل أخطأ الرئيس فى المصارحة؟.. ليس هناك خلاف على أن مصر كانت على شفا الانهيار بعد 25 يناير 2011 بسبب غياب المؤسسات، وتراجع الاستثمارات الخارجية وضعف الاقتصاد، وشهدت البلد بعد ذلك أحداثا مأساوية كادت أن تفجر البلد من الداخل، بدءًا من الاحتجاجات التى كانت تجتاح منطقة وسط القاهرة سواء فى محمد محمود أو مجلس الوزراء أو ماسبيرو، ووصولاً لحادث استاد بورسعيد التى راح ضحيته 74 من جماهير النادى الأهلى.
واستمرت هذه الحالة ولم تهدأ حتى بعد أن اعتلى الإخوان السلطة، فسبب سياستهم «الغبية» والإقصائية فى الحكم انقسمت مصر إلى فصيلين، أو تيارين، تيار الكفر وتيار الإيمان، وما بينهما تاهت الهوية المصرية وكادت أن تضيع إلى أن جاءت ثورة 30 يونيو لتعيد المسار للهوية والدولة المصرية، وهو أمر لم يعجب الإخوان ومن ولاهم، فبدءوا فى تحويل غضبهم على الثورة التى اقتلعتهم عن حق من الحكم بعدما أفسدوا فى البلاد، وسعوا إلى تقسيمها وتحويلها إلى إمارة ضمن مخطط الخلافة الإسلامية الذى لا يعترف بوجود الدولة ككيان مستقل ذات سيادة، وحولوا غضبهم إلى إرهاب فى وجه كل المصريين، وهو ما تحاول الدولة السيطرة عليه، ونتج عن ذلك مئات الشهداء من القوات المسلحة والشرطة والمدنيين الذين لم يخشوا إرهاب الإخوان.
هذا هو الوضع الذى عاشته مصر بعد 2011 وتعيشه الآن، وهو وضع يعلمه الجميع، ويدرك المصريون أن الدولة كانت فى طريقها للانهيار وأنها عادت مرة أخرى للطريق الصحيح، وإن لم يكن بالشكل الذى يرضى عنه الجميع، لأن هذا التحول من الانهيار إلى الشكل الذى نتمناه جميعاً يحتاج بالطبع لوقت، ومن يقول غير ذلك فإنه يناقض الحقائق التى تشير إلى أن الدولة كانت فى حالة من التفكك.
من يستمع للرئيس عبدالفتاح السيسى فى كل خطاباته وتصريحاته يتأكد أن الرجل لا يريد أن يناقض نفسه ولا الواقع الذى يعيشه، فهو يدرك حجم الانهيار الذى وصلت إليه المؤسسات، كما أنه يفطن للمحاولات التى تسعى لتدمير ما تبقى من الدولة، لأن هدفهم هو تدمير مصر وعدم منحها الفرصة لتقوم من جديد ويكون لها صوت، لذلك فإن السيسى دائما يستخدم لغة المصارحة مع الجميع، لا يتحدث عن وعود براقة، لكنه يضع المصريين أمام كل المشاكل التى تعانى منها الدولة، ليكون الجميع مشاركاً.
هذا الأسلوب فى المصارحة لا يعجب البعض، ويقولون وما هى مهمة الرئيس إذا كان دائم الشكوى من ضعف الإمكانيات، دون أن يدرك هؤلاء أن الرئيس حينما يتحدث عن ضعف الإمكانيات أو المشاكل التى تعانى منها الدولة فإنه لا يقف عند هذه النقطة، لكنه يكشف كل الأوراق أمما الجميع وفى نفس الوقت ينطلق فى الاتجاه الذى رسمه لنفسه، سواء بالبدء فى تنفيذ مشروعات القومية التى تحتاجها مصر، أو فى اختراق الملفات التى كانت مهملة فى الماضى، فى الداخل والخارج، كل ذلك يحدث وسط حالة من الشك ينشر لها بعض المتشائمين ممن لا يريدون للسيسى أو غيره أن ينجح، لأن نجاح الرئيس هو إفشال لهم.
نعم هناك من يريد للسيسى أن يفشل، ويعملون على تحقيق هذا الهدف بكافة الطرق والوسائل، فإذا خرج السيسى وتحدث عن شىء ما دارت ماكينة الشائعات، ووضعها فى إطار غير الإطار الحقيقى، فى محاولة لتأليب الرأى العام ضده، بل إنهم يستغلون أى حدث للهجوم عليه وعلى النظام بكامله، حتى وإن كان هذا الحدث مختلقا من الأساس، هؤلاء لا يكلون ولا يملون من الهجوم ونشر الشائعات والتشكيك، ويستغلون وسائل التواصل الاجتماعى للترويج لأفكارهم الهدامة.
بيننا من لا يعجبه العجب، ويسير دوماً على خط واحد وهو خط المعارضة، لأنه يرى فيه مصلحة له سواء على المستوى الشخصى أو على مستوى الجماعة أو الفكر الذى ينتمى له، وهؤلاء بالطبع لن يغيروا عقيدتهم أبداً لأنها مصدر حياة بالنسبة لهم، فمن خلال هذا الخط الذى يسيرون فيه، يضمنون متابعات أكثر على مواقع التواصل الاجتماعى التى يجيدون التعامل معها، ويريدون تصوير الأمر على أنه إجماع وهم مخطئون فى ذلك أكبر خطأ، لأنهم لا يدركون الواقع جيداً، ولا يعرفون كيف تسير توجهات الرأى العام المصرى، فالقياس ليس بعدد الليكات أو التعليقات على ما يكتبه هؤلاء من نقد للرئيس على الفيس بوك، وإنما المعيار هو نبض الشارع الذى يدرك الحقيقة جيداً ويريد من الرئيس استمرار المصارحة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة