الحروب أشكال وألوان، لا يمكن حصرها، حتى نكاد نقول بأن الإنسان يعيش حالة من الصراع المستمر منذ أن خلق الله هذه الأرض، وكما أن هناك حروبا حراما قائمة على الاعتداء على الإنسان والحيوان والتدمير وتغيير الهويات، وغير ذلك مما يمارسه الإرهاب فى العالم، فهناك حروب حلال ومعارك مشرفة منها مواجهة التطرف الغاشم الذى انتشر بشكل كبير فى الأرض، ولا يبغى سوى الفساد ولا يحمل فى قلبه سوى الشر للعالم.
ويعرف الجميع أن التطور الذى أصاب العالم فى الفترة الأخيرة انعكس بشكل ما على الحروب الدائرة فيه وعلى أساليبها وفنونها، حتى إن المنظمات الإرهابية تفاجئنا دائما باستخدامها للتكنولوجيا المتقدمة جدا، فى الدعاية والتجنيد والتخويف، فالإرهاب يدرك لدور الكلمة والصورة فى الحشد وفى إثارة القلق، ويعرف أن معظم سكان الأرض يعرفون سبل التواصل الاجتماعى ويتعاملون بها، لذا يبدأ الإرهاب فى العالم دائما من الكلمة الموجهة، ومن الرسالة الملغومة التى تجند الآخرين وتحولهم لمادة متطرفة، وفى وقتنا الراهن أصبحت طرق توصيل الرسالة سهلة غير مجهدة بسبب مواقع التواصل الاجتماعى التى تحتاج وقفة ضرورية للتصدى للإرهاب، وهنا يحدث ما نطلق عليه «الحرب الحلال»، ومن ذلك ما فعله موقع «تويتر» إذ أغلق أكثر من 125 ألف حساب منذ منصف عام 2015 وحتى الآن، بسبب «تهديدها أو ترويجها للأعمال الإرهابية».
وليس تويتر فقط من فعل ذلك فـ«الفيس بوك» أيضا، دخل فى دائرة الواقفين ضد الإرهاب حتى إن الموقع الشهير لا يكتفى بالبحث عن الحسابات التابعة لتنظيم داعش أو جماعات إرهابية أخرى فقط، لكنه، أيضا، يقوم حظر الحسابات التى تنشر أفكارا مؤيدة وداعمة لتلك الجماعات التى تستخدم عبارات تشيد بقادتهم.
أما «جوجل» فأزال عام 2014 نحو 14 مليون شريط فيديو دعائى تروج للتنظيم فى موقع «يوتيوب»، ومازال يفعل ذلك.
والملاحظ أن دولا كثيرة تبنت هذه الأفكار، ومن ذلك أمريكا والصين، ففى واشنطن طالب نواب أمريكيون فى الكونجرس بوضع قانون يجبر مواقع التواصل الاجتماعى على ضرورة الإبلاغ عن المواقع الداعية للتطرف والداعمة له، وفى «بكين» نص قانون مستحدث على أنه يتعين على شركات الاتصالات والإنترنت تقديم الدعم والمساعدة الفنية، بما فى ذلك تسليم الشفرات، للشرطة وسلطات الأمن القومى لمنع الأعمال الإرهابية والتحقيق فى الأنشطة الإرهابية، كما يتعين عليها أيضا منع نشر معلومات بشأن الإرهاب والتطرف.
إنها حرب مهمة ومقدسة لحماية البشرية من الضياع على يد مجموعة آثمة قلوبها، وعلى الجميع أن يتحد وليس فى ذلك تقليص لحرية الإبداع أو مصادرة لأفكار آخرين، لكنها محاولة جيدة للمواجهة.