وسط حالة الاستقطاب تصعب الإشارة للعقل والمنطق وتسود الازدواجية، كل طرف ينحاز لزميله فى المهنة، استقطاب عنيف يمنع كل طرف من تناول الأمر بزوايا مختلفة للنظر، وآخر مثال الخلاف والصدام الذى جرى بين الأطباء والداخلية، وتدخل نواب البرلمان للمصالحة والتهدئة، فى مواجهة إغلاق مستشفى المطرية فى وجه المرضى والإصرار من قبل نقابة الأطباء على الإغلاق باعتباره حقا نقابيا.
النواب طلبوا من الأطباء عدم إغلاق مستشفى المطرية التعليمى لأن هذا عقاب للمرضى، ووجدنا أنفسنا أمام حالة من العصبية والتمسك بالآراء، غضب أعضاء البرلمان من استمرار إغلاق المستشفى، ورفض الأطباء الفتح، وأصبحت هناك حالة استنفار لدى كل فريق، وبدا أن الأزمات تدار بالقبلية، أنت زميلى أنا معك ظالما أو ظالما، طبعا كان هناك تضامن واسع مع الأطباء فى مواجهة اعتداء أمناء الشرطة، وظل التضامن مع رفض إغلاق المستشفى.
وجهة نظر نقابة الأطباء أن كل الأطراف تريد إرضاء الأطباء وتطيب خاطرهم من دون أن يتم عقاب من اعتدوا على الأطباء، وكانت الردود من قبل نواب البرلمان أن النيابة تحقق، والداخلية أحالت الأمناء للتأديب، واعترف الجميع بأن الأمناء معتدون. بقى موقف النقابة يرفع شعار أنه لا عودة لفتح المستشفى من دون إعلان تأمينها بشكل كامل. بعض النواب قالوا إن نقابة الأطباء لا تتحرك تجاه أخطاء أعضائها من الأطباء، وتزامن مع خلاف الأطباء مع الداخلية أن وقعت أحداث منها مستشفى رمد طنطا وإصابة عدد من المرضى بالعمى لاستخدام علاج خاطئ، كما تكررت حالات اعتداء نسبت بعضها للشرطة والأخرى لم تكن من الشرطة إنما من مواطنين اتهموا المستشفيات أو الأطباء بارتكاب أخطاء.
طبعا فى ظل الاستقطاب القبلى ينحاز كل فريق لزملائه، ولا أحد ينحاز للقانون، والقانون وحده يكون الفيصل، فأمين الشرطة وزميله الذى اعتدى على الأطباء يجب أن يقدم للعدالة ويخضع للقانون، وأيضا فإن إغلاق المستشفى مخالف هو الآخر للقانون، وبالتالى لا يمكن التسامح مع رجل يريد مواجهة الخروج على القانون بالخروج على القانون، وإلا كان الأمر بلطجة.
لكن ما يجرى أننا نرى من يريد حماية أمناء الشرطة المعتدين ومن يبرر إغلاق المستشفى فى وجه المرضى، وهو انعكاس لازدواجية واضحة، الأهم أن هذه النظرة الضيقة تمنع من رؤية الواقع الذى يعيشه المواطن الذى هو ضحية لأى خلاف أو صراع، وكانت الفرصة سانحة للنواب وقد دخلوا للتوسط مع الأطباء أن ينظروا بالمرة إلى حال المستشفيات وما تتطلبه من إمكانات يمكن أن تخفف العبء على المرضى والأطباء، خاصة أن غياب الإمكانات أحد أهم أسباب الاعتداء ومعها الأخطاء الطبية، لكن وسط الاستقطاب التام الازدواجية هى المرض الزؤام.