تعلقت آمال المصريين بالبرلمان المصرى، لأسباب مختلفة أهمها عودة المؤسسة الرقابية الأهم على الحكومة وأجهزتها التنفيذية، وعودة سلطة التشريع لمكانها الطبيعى بمجلس النواب بدلا من قصر الاتحادية، هذه الآمال لن تتحقق إلا إذا كان «الإنجاز» عنوانا للبرلمان، وأكثر من 50 يوما حتى الآن من عمر البرلمان، ولا يصدر لنا منه غير المشاكل والأزمات، لم يكن أبدا رقما فى معادلة الحل، بقدر ما كان طرفا أساسيا فى أزمة، آخرها لقاء توفيق عكاشة بالسفير الإسرائيلى، وما تلاها من غضب شعبى إثر واقعة الجزمة تحت قبة البرلمان.
من جديد، بدأت أزمة جديدة تتصدر من البرلمان، وهى أزمة تشكيل الائتلافات وقانونيتها ونسبتها المقررة فى اللائحة الداخلية، اعترض عشرات النواب عليها بدعوى أن نسبة الـ25 % تتيح فقط لدعم مصر تشكيل الائتلافات دون غيرها من التكتلات السياسية الأخرى، وترتب على ذلك مشادات كلامية ساخنة ومذكرات بالانسحاب من الجلسة وتهديد بمقاطعة الجلسات، بل وواقعتا طرد جديدتان يضافان إلى وقائع الطرد فى الأسابيع السابقة.
وقت كتابة هذا المقال، كان البرلمان على صفيح ساخن، لا يزال عالقا فى تفاصيل اللائحة الداخلية، منشغلا بالأساس بصراعات سياسية، عمن يشكل، ومن له الحق فى النسبة الحاكمة، ومن سيسيطر، وهو حق الجميع، ولكن الأهم أن يراعى لاعبو السياسة تحت قبة البرلمان أن الشعب المصرى ينتظر منهم مزيدا من الإنجاز بتشريعات جديدة وبخطوات سريعة للأمام تشعر كل ناخب مصر أن البرلمان على قدر المسؤولية، لأنه بدون الإنجاز سيفقد البرلمان دوره الحقيقى فى حلقة التواصل بين المواطن والمسؤول، وسينسحب البساط يوما بعد يوم عن البرلمان، لأن استجابته لمشاكل الشارع أبطأ من الأحداث اليومية المتتالية.
الأخطر أن طريقة العبارات المترددة فى قاعة البرلمان تثير قلقنا كمواطنين متابعين يومين للمجلس، تخيل أنه فى أعقاب واقعة طرد أحمد طنطاوى، قال الدكتور على عبدالعال: «البعض يريد هدم الدولة المصرية لا مكان لهم فى هذه القاعة، تحية لهذه الدولة، ستظل مصر قوية وحرة، ولا مكان لمن يريد هدم هذه الدولة الأبية القوية المستقلة، وستظل حرة قوية رغم كيد الكائدين».
هذه العبارة رغم حسن مقصدها إلا أنها تتضمن كلمة فى غاية الخطورة، فرئيس البرلمان يصف نائب بأنه يريد هدم الدولة المصرية، ولا مكان له فى القاعة، وهى ذات دلالة كبيرة، قالها رئيس المجلس فقط، لأن النائب اعترض، وهو حق للنائب أن يعترض وينتقد أيضا، حق له أن يعبر بالشكل الذى يريد عن القناعة التى يؤمن بها.
مشهد البرلمان فى جلسة مناقشة مواد الائتلافات يحتاج من النواب أنفسهم إعادة النظر فى طريقة العمل بالبرلمان، وطريقة المناقشات الداخلية بينهم وطريقة الوصول إلى صياغات توافقية، لأنه لا يجب على البرلمان أن يصدر يوميا مزيدا من الأزمات المتتالية التى تشغل الرأى العام، بعيدا عما ينفع الناس ويمكث فى الأرض.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة