سوف تنتهى حدوتة عكاشة وتنتهى سيرته
كأن شاعرنا العربى المتنبى كان حاضرا تحت قبة البرلمان لحظة قذف النائب الناصرى المناضل السكندرى كمال أحمد حذاءه أو نعله وجزمته فى وجه «توفيق عكاشة» تعبيرا عن رفض شعبى للتطبيع مع إسرائيل ولقائه بالسفير الإسرائيلى.
أبو الطيب المتنبى كانت له مواقف حادة وواضحة من البشر ليس لديه مناطق رمادية فى العلاقات الإنسانية، ويصف ذلك بصراحة جارحة فى كثير من الأحيان فى شعره، فبعض البشر فى رأى المتنبى يبلغون حدا من السفالة والحقارة والوضاعة إلى الدرجة التى لا يستحقون فيها حتى الرمى بالجزم والنعال وليس الالتفات لهم أو التعامل معهم على أنهم أسوياء، وهم فى الواقع مصابون بالاضطراب النفسى والخلل العقلى والهوس والانبعاج.
وهنا يضع المتنبى الأحذية فى مقام رفيع وأعلى من هذه النوعية الرديئة من البشر الموجودين فى كل زمان ومكان وتحت «قبة البرلمان».. ولولا أن المناضل والبرلمانى العريق كمال أحمد لم يجد وسيلة أدنى من الحذاء لضرب «عكاشة» رغم أن لها فوائد أكثر بكثير وقيمتها أغلى ولو نطقت لشكت من تلويثها برميها فى وجه عكاشة، لأنها لن تسير بصاحبها للقاء السفير الصهيونى أو الذهاب به إلى «دولة الكيان»، ففى أحد أبياته الشعرية الشهيرة يقول المتنبى: «قوم إذا مس النعال وجوههم ... شكت النعال بأى ذنبب تصفع».
هذا هو رأى المتنبى منذ مئات السنوات فى عكاشة وأمثاله الذين غرقوا فى أدغال التطبيع مع العدو الصهيونى فى تحدٍ سافر لمشاعر الشعب المصرى الذى وقف قويا وصلبا فى وجه أى محاولة للتطبيع وأجهض حلم قادة إسرائيل فى تحقيق السلام الإسرائيلى وفرضه على الشعب المصرى.. وهذا درس لمن يتعامل فى الخفاء أو يفكر مجرد تفكير فى الاستقواء بالعدو الصهيونى وسفيره المنبوذ فى القاهرة ضد بلاده، لأن مصيره معروف إما بالحذاء أو فى مزبلة التاريخ ولدينا نماذج كثيرة ضحت بقيمتها السياسية والأدبية فى مقابل الارتماء فى أحضان تل أبيب والعمل كمرشدين سياحيين للصهاينة فى مصر. ولا ننسى ما حدث مع المرحوم على سالم الكاتب المسرحى المعروف الذى قام بزيارة إسرائيل وأصدر كتابا عن الزيارة فكان العقاب الشعبى سريعا ورادعا وانزوى سالم سنوات طويلة ثم ظهر على استحياء قبل وفاته.
هذا هو المصير مثلما رسمه المبدع الأديب العربى الفلسطينى غسان كنفانى فى روايته «رجال فى الشمس» التى تحولت إلى رواية «المخدوعون» للمخرج توفيق صالح.. فمن حاول التطبيع مع العدو والهروب والاستقواء وترك قضية وطنه ليس مصيره القبور وإنما النفايات العفنة تحت حرارة الشمس.
سوف تنتهى حدوتة عكاشة وتنتهى سيرته لأنها فى الأصل كانت حدوتة «بايخة» لا أصل لها ولا فرع، وكان هذا الشخص المضطرب صنيعة كعرائس الماريونيت لمن يحركه ويوظفه فى لحظة تاريخية سوداء من تاريخ الإعلام فى مصر. لكن سيبقى الحذاء رمزا وعقابا لكل «مطبع» تحت قبة البرلمان أو خارجها. وسيدخل حذاء كمال أحمد موسوعة الأحذية التاريخية مع حذاء الزعيم السوفيتى خروشوف فى الأمم المتحدة وحذاء الصحفى العراقى منتصر الزيدى فى وجه جورج بوش الابن فى مؤتمره الصحفى مع رئيس الوزراء نورى المالكى وحذاء وزير الداخلية الأسبق زكى بدر فى وجهه نواب المعارضة عام 87 وحذاء النائب طلعت السادات فى وجه أمين السياسات بالحزب الوطنى المنحل أحمد عز عام 2006 احتجاجا على فساد الحزب.
هى بالطبع أحذية ونعال تاريخية تبقى فى ذاكرة الشعوب لأنها تصفع نوع من البشر الردئ اختار طريقه إلى نفايات ومزبلة التاريخ.. مع الاعتذار للجزم والنعال!
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة