التكفير وإهدار الدم واستباحة الأرواح أحكام يحفظها المتشددون ويكررونها طوال الوقت فى حياتنا لا يملونها أبدا، ولا يدركون أبعادها ويدافعون عن الحق الذى يرونه ولا يمنحون فرصة للآخرين كى يوضحوا وجهة نظرهم، يحدث ذلك فى كل بلادنا العربية والإسلامية، وعادة ما تتطور هذه الأمور وتأخذ أكبر من حجمها الطبيعى، إلا فى حالة واحدة وهى أن يتدخل القضاء ليعطى كل ذى حق حقه ويقول كلمته الفصل فى مثل هذه الأمور.
وفى الجزائر أثارت منذ فترة أزمة الكاتب الجزائرى كمال داوود والشيخ السلفى عبدالفتاح حمداش الكثير من الجدل على صفحات التواصل الاجتماعى، ويحسب لـ«داوود» أنه اختار أن يلجأ للقضاء الجزائرى متضررا من فعل «حمداش»، بعدما دعا الداعية السلفى الذى يقود حركة «الصحوة الحرة الإسلامية السلفية» غير المعترف بها رسميا، على صفحته على فيس بوك السلطات الجزائرية إلى الحكم بالإعدام على كمال داود وتنفيذ الحكم فيه علنا، وجاءت دعوته هذه بعدما انتقد كمال داود فى برنامج تلفزيونى فرنسى علاقة المسلمين بديانتهم.
وهنا علينا أن نحدد أنه سواء نتفق أو نختلف مع الكاتب الجزائرى كمال داوود، وسواء أكنا نرفض آراءه أو ندافع عنها، لكننا بالضرورة سوف نتفق مع مسلكه ونتفق مع المحكمة التى حكمت لصالحه، حيث قضت بالسجن 6 أشهر على الداعية السلفى عبدالفتاح حمداش الذى كان قد طالب بإهدار دم «داوود»، واتهمه بالكفر، كما حكمت عليه محكمة الجنح بدفع غرامة قدرها 50 ألف دينار.
وربما هذه مناسبة مهمة للحديث عن تفعيل إجراء التقاضى كحل لهذه المشكلات الجدلية والمثيرة، التى نكاد نعيشها ليل نهار والتى تلقى بحقدها على الشارع الثقافى والاجتماعى، وتقدمنا فى هيئة عصابات متناحرة لا نجيد التحاور ولا نملك فرصا أخرى لمواصلة الحياة سوى التقوت بأجساد بعضنا.
نعم لقد تورط عبدالفتاح حمداش وورط الكثيرين معه، وخيرا صنع القضاء الجزائرى، لأن هذه الأمور إذا مكثت فى الأرض بغير حسم أفسدت المجتمع وترتب عليها جدل لا نهاية له وتكرر مما يؤدى فى النهاية لانقسام لا نعلم آخرته.
وربما المستفاد من ذلك الدرس هو أنه فى مصر يستخدم الكثيرون صفحاتهم الخاصة على مواقع التواصل الاجتماعى فى السب والقذف وإخراج الآخرين من الدين والدعوة لإخراجهم من الدنيا، ولو علموا أن هناك قانونا سوف يأتى بهم ويضعهم تحت طائلته لفكروا كثيرا قبل أن يقدموا على مثل هذه التصرفات، وناقشوا الأفكار بالفكر، وبالتالى انتقل المجتمع إلى مرحلة جديدة من التحضر.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة