لماذا تتبرع الدولة بمليار ومائتى مليون جنيه لأصحاب المصانع؟
لا أدرى من صاحب فكرة تخفيض أسعار الغاز لأصحاب مصانع الحديد، بدعوى أن السعر القديم غير عادل، ولا يساعد على تشغيل المصانع بكامل طاقتها!، هل هو وزير التجارة والصناعة، أم المجموعة الاقتصادية بكاملها، أم رئيس الوزراء وحكومته؟.. فى النهاية القرار خاطئ، ويقتطع من الموازنة العامة نحو مليار ومائتى مليون جنيه سنويًا لصالح مجموعة بعينها من صناع الحديد، وكأنهم بحاجة إلى دعم زائد من الدولة التى تدعمهم أصلًا دون أن يردوا هم للمجتمع هذا الدعم. الدولة تستورد الغاز بسعر 9 دولارات للمليون وحدة حرارية، وتعطيه لأصحاب مصانع الحديد بـ7 دولارات، أى أنها تمنحهم دعمًا يصل إلى 20 بالمائة من سعر الطاقة المستخدمة فى صناعة الحديد، كما أغلقت السوق عليهم، ومنحتهم حق التحكم فى الأسعار، ومنعت استيراد الحديد التركى والمستورد الأرخص كثيرًا من الحديد المصرى، أى أن الدولة وفرت لهم كل فرص الربح الصافى، والتحكم فى المستهلك، فما الداعى لأن تزيد دعمهم بـ 50 فى المائة من سعر الطاقة؟!
التبرير الحكومى لهذا الإجراء الغريب أن زيادة دعم الطاقة لمصانع الحديد تزيد فرص إنتاج البيليت بدلًا من استيراده، وتوفر للبلاد ملايين الدولارات، وتزيد فرص العمل بالمصانع، لأنها ستعمل بكامل طاقتها، والحقيقة أن الحكومة خاضعة تمامًا لمنطق صناع الحديد الكبار الذين لا يهدفون إلا إلى الربح فقط، ويعمدون إلى «ملاعبة» الدولة بـ«شفط» الدولارات من السوق السوداء، والمضاربة على سعره.. الحكومة بهذا الشكل- تتبرع لملوك الحديد بمليار ومائتى مليون جنيه- تتحول إلى أضعاف هذا المبلغ من جراء زيادة الإنتاج مع تثبيت الأسعار المبالغ فيها للمنتج المصرى، فما الهدف من دعم كبار منتجى الحديد؟، بينما الحكومة تتجه إلى رفع أسعار فواتير الغاز والكهرباء والمياه على الناس «الغلابة»، بدعوى المشاركة فى بناء بلدنا وعبور الأيام الصعبة، وسد عجز الموازنة، وعلاج التضخم، إلى آخر تلك التبريرات التى نسمعها ونصدقها، لأننا نؤيد مشروع السيسى ونصدقه.
الأولى إذن أن تتبرع الحكومة بهذا المبلغ سنويًا لصندوق «تحيا مصر» المخصص لإنقاذ العشوائيات الخطرة، وتحرير الغارمات، ومساعدة الفئات الأشد فقرًا، خصوصًا أن أيًا من ملوك الحديد الذين يتحكمون فى الإنتاج والأسعار لم يفكروا فى التبرع ودعم الصندوق بجنيه واحد.
لماذا لم تفكر الحكومة فى تطوير مصانع الحديد المملوكة لها، والتخطيط لإنتاج البيليت وتوفيره فى السوق المحلية للمصانع الخاصة بدلًا من استيراده، وبذلك يتحقق الهدف الأكبر والأهم، وهو توفير مليارات الدولارات التى تذهب للخارج فى اعتمادات استيراد البيليت، وفى الوقت نفسه تحرر الحكومة سعر الطاقة لمصانع الحديد الخاصة، وبدلًا من أن تدعمها بـ 50 فى المائة توفرها لها بالسعر العالمى وتحصلها بالدولار وليس بالجنيه المصرى، وكذلك الأمر فى البيليت الذى تنتجه مصانع القطاع العام، وبذلك تزيد من حصيلة الدولة من العملة الصعبة التى تذهب للخارج فى كل الأحوال.
وهنا يتبادر إلى الذهن السؤال: ماذا حدث لخطط تطوير مصانع الحديد والصلب بحلوان وأبى زعبل وشمال سيناء بالتعاون مع الشركات الروسية المتخصصة؟.. سمعنا كلامًا كثيرًا عن تطوير مصانع الصلب بحلوان لتعمل بالفحم، وتحقيق طفرة فى الإنتاج، وكذا تطوير مصنع الكوك، ومصانع الحديد فى أبى زعبل، وأعلنت حكومة المهندس إبراهيم محلب موافقتها وإقرارها خطة التطوير بالاشتراك مع الجانب الروسى، ثم اختفى الملف كما ظهر، فلماذا تعطل المشروع ولمصلحة من يتعطل؟.. تطوير شركات الحديد المملوكة للدولة يوفر آلافًا من فرص العمل ومليارات الدولارات، ويعيد التوازن للسوق لحساب المستهلكين، كما سيمنع المضاربة على الدولار لمصلحة كبار تجار ومصنعى الحديد من مستوردى البيليت، وتعطيل هذا المشروع لا يصب إلا فى مصلحة الثلاثة الكبار المتحكمين فى السوق، فهل أصبحت حكومة شريف إسماعيل تعمل من أجلهم، ولخدمة مصالحهم على المستويين القريب والبعيد؟!.. سؤال الوقائع والقرارات تجيب عنه بوضوح للأسف الشديد!
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
اونكل زيزو
لصالح من اقولك لحضرتك
عدد الردود 0
بواسطة:
John
هل سمعت او قراءت ؟
عدد الردود 0
بواسطة:
حائرة
وجهه نظر مواطنة بسيطة