من كلمات ميركل رئيسة وزراء ألمانيا الشهيرة "الهند فيها مائة ديانة و600 إله ورغم ذلك ليست بينهم مشاكل ولا دماء ويعيشون فى سلام، أما العرب فلهم دين واحد ورب واحد ورغم ذلك تغمر الدماء بلادهم".
إن صدقت نسبة هذه الكلمات لميركل فهى كلمات صحيحة وصادقة، والسر فى ذلك أن أكثر العرب لا يعرفون دينهم بحق، ولا يدركون عظمة ربهم ولا يتقون ربهم أو يخافونه سبحانه بحق، ويؤثرون الدنيا على الآخرة، ويعبدون الدينار والدرهم والسلطة أكثر من عبوديتهم لله الواحد القهار، ويتقربون إليهم أكثر من تقربهم إلى الله.
فإن أرادت ميركل التفصيل فبلاد الحرب تحولت إلى طائفية بغيضة وتطهير مذهبى أو عرقى، وتعصب مذهبى وتقاتل على التوافه كما تحولت أكثر بلادهم إلى مقابر جماعية وسجون تسع الآلاف أو إلى قرى مهدمة أو أطلال مدن كانت عامرة، أو أجساد متفحمة بالقنابل والبراميل المتفجرة، أو الغازات الحربية التى يطلقها حاكم على شعبه دون رحمة أو شفقه لأنه يعمل بمبدأ " سيما الإمارة ولو على الحجارة "، أو ميلشيات غادرة باغية تفجر وتغتال وتذبح وتحرق بغير حق مثل داعش والنصرة والحشد الشعبى، أو أحزاب سياسية تحولت إلى جيوش تحارب بالوكالة: مثل حزب الله الذى يحارب خارج لبنان فى ثلاث جبهات أو الحوثيين الذين كادوا أن يأكلوا اليمن كلها، أو حكام أمثال القذافى وعلى عبد الله صالح الذين حكموا قرابة 40 عاماً فلم يكتفوا بذلك وأرادوا توريث أبنائهم دون حق فى جمهوريات لا ملكيات فلم تدرك بلادهم حسنات الجمهوريات ولا الملكيات.
فإذا تجولت فى بلاد العرب رأيت وللعجب طائرات عربية تقصف بلاداً عربية أخرى وصواريخ عربية تدك بلاداً عربية.. وأسلحة عربية مستوردة من أموال دافعى الضرائب العرب لتدمر أسلحة عربية أخرى مستوردة من بلاد الغرب الرابحة دوماً والمشتراة أيضاً من أموال دافعى الضرائب العرب الفقراء.. فعرب يقتلون ويسجنون ويحاربون ويعذبون عرباً، فقتلى وسجناء وجرحى صراعات العرب مع العرب أكثر من قتلاهم وجرحاهم وسجنائهم على أيدى غيرهم.فمذابح الفلسطينيين ومخيماتهم فى تل الزعتر وأيلول الأسود والمخيمات اللبنانية تفوق المذابح التى قامت بها إسرائيل ضد الفلسطينيين.. وضحايا الحرب العراقية الإيرانية جاوزت 2 مليون قتيل وجريح.أما مذابح اللبنانيين لبعضهم البعض فى الحرب الأهلية اللبنانية فى السبعينات، فقد جاوزت عشرات الآلاف من القتلى والجرحى والمعوقين.
والغريب فى بلاد العرب أن ترى عراقيين يريدون تحرير مدن عراقية من عراقيين آخرين، وسوريين يريدون تحرير دمشق أو إدلب أو حلب من سوريين آخرين، مع أن الجولان الذى تحتله إسرائيل على مرمى بصر منهم جميعاً، ولكنهم لا يعيرونه التفاتا، وترى يمنيين يريدون تحرير صنعاء أو عدن من يمنيين آخرين.
وصدق ابن خلدون حينما قال عن العرب " أنهم لا تقوم لهم وحده إلا بالنبوة" أى بالدين القويم الذى يرث النبوة، أما وقد ذهبت النبوة وضاعت الرسالة وذهب ورثة الأنبياء أو ضاعوا أو أضاعوا أنفسهم بالبحث عن مشروعات سياسية فارغة لا تسمن ولا تغنى من جوع، فلا أمل فى وحدة العرب مرة أخرى، أو استقامتهم على الجادة والصواب.
ومن الممكن توحيد العرب لو تركوا الاستبداد والطغيان بينهم وبين بعضهم البعض أو لشعوبهم مثلما توحدت أوروبا أو أمريكا أو الهند على العدل السياسى والاجتماعى وقيم العمل والحرية والمساواة.. ولكن كل ذلك لا يوجد فى بلاد العرب.. لأن بضاعتها الرائجة تتكون من تطرف دينى وعلمانى وعرقى ومذهبى مع استبداد وتقاتل وفوضى ومحسوبية ورشوة.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة