وحفاظًا على لقب الأسرة تخلت عن أشياء أخرى، وفقدت مع سنين العمر الكثير من التفاصيل والمشاعر التى لا تتلخص فقط فى أن يكون الزوج هو مصدر المال للأسرة، بل فقدت كذلك مع هذا التصرف مشاعر تأملها المرأة فى الرجل، مثل «السند» و«الضهر» والأمان الذى لم تجده فى حضن زوج قرر أن يمنح هذه الأسرة فقط بضع ساعات يقضيها مع زوجته فى غرفة النوم، ليحصل على المتعة فقط، أما هى فطيلة الوقت مكلفة بتقديم جميع القرابين من أجل إسعاده، وهو نصب نفسه حاكمًا لهذا البيت، وحصر نفسه فى لعب دور «سى السيد»، أما هى فلم تكتفِ بلعب دور «أمينة» كما جسد الكاتب نجيب محفوظ شخصيتها فى ثلاثيته الرائعة، بل لعبت الكثير من الأدوار الأخرى، واهمة أن هذا طريقها للحفاظ على الأسرة من الضياع، متخيلة أن هذه هى الطريقة المثالية لتحصل على حياة جيدة، وأن داخل هذه الأجواء سينشأ أطفال بنفسية سوية.
من داخل البيوت المصرية جمعنا قصصًا لرجال لم يعرفوا عن الرجولة شيئًا، ونساء ضاعت حياتهن فى سبيل خدمة بيت عماده رجل قرر ابتزاز زوجة تخشى أن تكون مطلقة، أكثر من أن تعيش إلى جوار رجل بلا نخوة، فكان طريقه لاستغلالها ممهدًا بخوفها من المجتمع، ونقدم ما لا يعرفه المجتمع عن نساء فقدن كل شىء فى مشوار الحياة الذى لم ينتهِ بعد.. قصصًا لم تعرف يومًا طريقها إلى النور خشية العار الذى سيلاحق الأسرة، أو حتى عملاً بمبدأ «الراجل يطفش والست تعشش».
سماح: «أنا الست اللى معرفتش طعم ضهر الراجل»
«أنا بجيب للبيه كل حاجة من أول الأكل لحد الدخان، ده غير اللبس والجزم وتربية العيال اللى قطمت ضهرى، وياريته عاجب».. هكذا بدأت «سماح» قصتها إلى الـ«اليوم السابع»: «أنا بشتغل فى كوافير من وأنا عندى 15 سنة، يعنى ابتديت مشوار المرمطة من بدرى، معرفتش يوم معنى الراحة، أبويا الله يرحمه كان تعبان وكان هم أخواتى وأمى كبير وكان لازم أشيل مع Nخواتى الصبيان، فكان لازم أشتغل وحصل، وقتها قلت يمكن الجواز يشيل عنى شوية، ويساعدنى ويريحنى من سنين البهدلة والقرف اللى شفتهم، بس طلع حظى وحش، اتجوزت من 9 سنين، كان بيشتغل سواق تاكسى بيكسب يعنى يوم حلو ويوم وحش، وكنت راضية، بس الموضوع مكملش كده، سنتين ولقيته قاعد من الشغل والكلام كله حجج من نوعية «الشغلانة ديه مش مناسبة ليا، أنا بتمرمط على ملاليم»، ومن ساعتها وهو قاعد فى البيت يشتغل يومين وعشرة من غير شغل، خلفنا مرة واتنين وتلاتة وغضبت كتير وقولت مش عايزاه، بس أنا مليش حد فمكنش ليا مأوى غير البيت، فرضيت وعشت».
تستكمل «سماح» حديثها قائلة: «بقالى 6 سنين وزيادة، ضهرى مقطوم فى خدمته هو والعيال، متكفلة بكل المصاريف من الألف للياء، وكأنى خلفته هو كمان ونسيته، بصرف على كل حاجة حتى علبة السجاير أنا مجبره أجيبها، مش عشان خايفة منه لأ عشان خايفة على عيالى من بلطجته وقلة الأدب، بصرف عليهم لحد ما إيدى ورجلى بقوا خردة من كتر الشغل فى الكوافير، لا بقى عندى طاقة أشتغل أو حتى أربى عيالى، كل ده عشان مبقاش مطلقة، ولا ست عايشة لوحدها زى ما إخواتى الصبيان بيقولوا دايمًا فى كل مشكلة بتحصل بينا، مبقتش عارفة أعمل إيه، اليأس بقى خلاص جزء منى، عارفة إنه خلاص مبقاش فى منه أمل، وإنى لآخر العمر بقيت أب وأم كأنى أرملة، مبقتش عارفة إيه المفروض أعمله تانى ولا أروح لمين، كل اللى قررته إنى أفضل عايشة لحد ما واحد فينا يموت، بس محدش يعرف يعنى إيه أعيش مع راجل عالة عليا، يتسند على دراعى وعافيتى وصحتى عشان يعيش، وفى الآخر اسمه راجل عايز يأمر وينهى وبس، ومش مهم أنا عايزة إيه، ولا نفسى فى إيه، ولا حاسة بإيه، كل اللى هقوله ربنا يتوب على أى بنت من خدمة راجل عويل».
شادية: «جوزى زيه زى الكرسى فى الصالة»
لا تختلف كثيرًا عن غيرها من الحكايات المؤلمة، فهى تعمل خادمة وتقول لـ«اليوم السابع»: «أنا ست طول عمرى معرفتش للراحة طعم، أبويا قالى لازم أتجوز عشان ألاقى سند فى الدنيا، ومن ساعة ما اتقفل علينا باب واحد وأنا اللى سند ليه مش هو، أنا اللى بصرف وأفكر وأجيب وأودى وأداوى وأحل وأعمل كل حاجة فى الدنيا عشان بس أكون عايشة مع راجل قال إيه أحسن من الوحدة، عندى 5 بنات أنا اللى متكفلة بتربيتهم، منهم اللى نفع ومنهم اللى خاب فى المدرسة، مكنش بيساعد معايا فى قرش صاغ، حتى وقت ما كان شغال وبيكسب مكنش بيصرف غير على كرشه ومزاجه بس، غير كده أنا اللى بشيل كل الهم على دماغى، حتى تربية العيال بقيت أنا اللى مسؤولة عنها من الألف للياء، ولما جم يدخلوا المدرسة قالى أنا مش بعلم بنات، عايزة تعلميهم إنتى اصرفى، وفعلاً أنا اللى اتوليت لحد ما فى منهم اتنين دخلوا الجامعة وأنا لسة بخدم فى البيوت وببيع لبس بالقسط وأهى ماشية».
تضيف «شادية»: «مشكلة الست مش إنها تصرف ولا تتولى مسؤولية أسرة، أنا واحدة صحتى ساعدتنى إنى أربى عيالى، لأنى اعتبرته مات من زمان، بس اللى يوجع هو إنى أعيش مع راجل زيه زى الكرسى اللى فى الصالة، ميفرقش عنه حاجة، بالعكس ده بيكلفنى مصاريف ويزود حملى، وأنا كنت أقدر زمان على الخدمة، بس دلوقتى خلاص مبقتش أقدر، وياريته راحمنى من الطلبات وكأنى شغالة عنده، كل ده عشان هو يعرف إنى مقدرش أعيش لوحدى عشان البنات، عشان كده كاسر نفسى وذاللنى معاه، ومخلينى تحت إيده يستفاد من عرقى وشقايا زيه زى الولايا، ما أنا ولية أهو وبصرف على راجل طول بعرض وصحته حلوة، يعنى لا مرض مقعده ولا عنده أى مشكلة غير إنه عويل، كل اللى بتمناه لبناتى إنهم يقعوا فى إيدين رجالة، مش مهم الفلوس المهم يكونوا رجالة عندهم نخوة وقلب وضمير، ويحافظوا عليهم من المرمطة والذل اللى هما عايشين فيه مع الراجل اللى اسمه أبوهم، ربنا يعوضهم خير، عشان محدش يعرف يعنى إيه ست تستند على راجل ويخذلها، لا بيحمى ولا بيخاف ولا بحس معاه بالأمان، كل اللى بيعمله إنه بيدور على حقه الشرعى، لكن يراعى الست اللى معاه عمره ما يعمل كده، لأنه اتعود على اللى تصرف عليه، ولقى الست اللى تخدم راجل، عنده إيد ورجل وصحة واستخسرها فينا».
آمال: «حظى وحش وبصرف على البيت من 8 سنين»
أما «آمال» التى تعمل موظفة بإحدى المصالح الحكومية فقررت أن تحكى عن 8 سنوات فى خدمة رجل، تبدأ حكايتها قائلة: «8 سنين وأنا فى الهم ده، معشتش لحظة زى أى ست تنام وهى مسنودة على ضهر راجل حقيقى، بس أنا حظى كان وحش وقعت فى قرعة راجل قابل يعيش من عرق مراته، شاطر بس يأمر وينهى ويتشرط عليا، بس فى آخر اليوم لما يمد إيه فى جيبى وياخد فلوس عشان يجيب سجاير ولا حاجة ليه بيكون كويس، ساب الشغل من 8 سنين، كان شغال مقاول ووقع على رجله ومن ساعتها خف وعايش من غير شغل، لما قررت أشيل البيت من 8 سنين وهو استحلى العيشة من غير شغل، استحلى الحياة من غير أى تعب، أنا اللى بقيت أتحمل كل حاجة وبصرف على البيت وعليه وعلى الـ3 عيال لأنهم غلابة مش عارفين يشتغلوا والدنيا ملطشة معاهم، كان نفسى أعيش زى الستات، بس ربنا كتبلى العيشة مع راجل زى ده، ميعرفش حاجة عن الرجولة غير الصوت العالى ومد الإيد، والإهانة اللى بتعرض ليها ليل نهار جسديا ولفظيا، أنا عن نفسى زهقت منه ونفسى خلاص أسيبه وآخد ولادى وأعيش فى مكان تانى خالص، بس الوضع صعب ومبقاش فى إيدى أى حاجة غير إنى أقبل وأعيش معاه، عشان خلاص العُمر مبقاش فيه كتير، واللى فات مش زى اللى جاى، وأنا بقيت من غير أى ضهر فى الدنيا، أنا على رأى أمهات زمان ضهرى للحيط ومليش غير ربنا ودراعى اللى بيسندنى فى وقت ما أقع».
تستكمل «آمال» حديثها: «الست اللى تصرف على جوزها وعايشة معاه وهو يقدر يصرف ويشتغل بتحس بالذل اللى محدش داقه، بتعرف الذل والقهر اللى محدش شافه، أنا خلاص مبقاش عندى قدرة أنزل أشتغل وأصرف عليه وعلى عياله، خلاص صحتى راحت عليه، عشان هو يعيش ويتمتع بصحته اللى استخسرها فينا من زمان، أنا تعبت من كل حاجة ومن العيشة اللى أنا مرتاحتش فيها يوم واحد، عشان هو يعيش مرتاح هو وعياله، أنا خلاص بقيت زى حتة القماشة اللى اتخرمت من كل حتة، ولا بقيت أنفع لا طبلة ولا طار، وحزينة على صحتى اللى راحت وأنا بشقى وأجرى على راجل فاكر نفسه اشترانى عشان رضيت بيه، بيبيع وبيشترى فيا عشان هو الراجل وأنا الست، خلاص تعبت من الكلام معاه عن إنى مبقتش أقدر على خدمته، ويوم هيجى عليا هسيب الدنيا عشان أنا خلاص تعبت من كل حاجة وبقى ضهرى مكسور، ومبقتش أقدر أقيمه خلاص من كتر كسرة النفس والذل اللى شفته على إيد الراجل ده».
فتحية: «جوزى ناخخ من يومه بس العيب عليا مش عليه»
فتحية السيد البالغة من العُمر 50 عامًا، والتى تعمل بائعة خضار، تحكى قصتها مع 20 عامًا من «العيشة مع ضل حيطة»، تقول: «فتحت عينى على أمى بتخدم أبويا المريض وبتصرف علينا، تأكلنا وتشربنا وتلبسنا، ولأنى البكرية فحظى بقى زى حظ أمى، انكتب عليا الشقى زى زيها بالظبط، بس الفرق بين أبويا وبين جوزى إن أبويا كان راجل بجد ماقعدهوش غير المرض، أما جوزى اسم الله عليه ناخخ من يومه، مدخلش يوم جنيه فى جيبى، بس يعرف يضرب ويزعق ويشخط ويبهدلنى على الصغيرة والكبيرة، بس لما بقعد مع نفسى بفكر وأقول العيب مش عليه العيب عليا أنا عشان رضيت وقبلت، وكنت بقول أهو أحسن من مفيش، بس طلع إنه مفيش أحسن منه، وكان لازم أعيش لوحدى مع عيالى وأربيهم وخلاص، وهو يروح لحاله، أنا الاسم متجوزة راجل، بس فى الحقيقة هو ملوش أى فايدة فى البيت، حتى ضل الحيطة أفيد منه وأحسن منه على الأقل بيضلل عليا أنا والعيال، إنما هو زى قلته، لا يعرف يحمى ولا يساعد ولا يقدم أى حاجة ليا ولا لعياله».
موضوعات متعلقة:
الدكتور غادة عبد الرحيم تفوز بلقب حملة "إنتى الأهم" لعام 2015
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة