ملالا، طالبة باكستانية اشتهرت كناشطة تدعو إلى تعليم الفتيات فى بلدها، وتعرضت لإطلاق نار عليها من قبل أفراد من «طالبان» فى أكتوبر عام 2012، وظلت حالتها الصحية حرجة لأيام، فنقلت إلى أحد المستشفيات فى لندن للعلاج، واعتبرتها مجلة «التايم» الأمريكية من أقوى الشخصيات تأثيرًا فى العالم عام 2013، ودُعيت إلى الحديث أمام الأمم المتحدة للتحدث عن حق الفتيات فى التعليم، ومنحت جائزة نوبل للسلام فى أكتوبر 2014 فأصبحت أصغر شخصية فى العالم تنال هذه الجائزة.
أردت أتحدث عن «ملالا» فى ذكرى اليوم العالمى للمرأة، تكريمًا لها ولمجهوداتها، ولحلمها من أجل مستقبل أفضل لشعبها، وارتباط اسمها بأهم مشكلة ومعضلة تعانى منها مصر وهى «التعليم»، «التعليم» الذى أعتقد أنه فى آخر أولويات النظام المصرى والحكومة المصرية، ليس فى هذه الآونة فقط، ولكن على مستوى العصور والأنظمة المختلفة.
التعليم هو أهم قوة لنهوض الأمم وتقدمها، المجتمعات الحريصة على التعليم والمدركة لقوة التعليم وأهميته هى المجتمعات التى تمتلك الثقافة اللازمة لحل جميع المشكلات والمعضلات مهما كانت صعوبتها، والدول المتقدمة تضع التعليم فى أولوية برامجها وسياساتها، وتخصص ميزانيات هائلة للتعليم والبحث العلمى، إيمانًا منها بأهمية التعليم للفرد والمجتمع، وانعكاسه على التقدم الاقتصادى، ورفع مستوى معيشة الفرد.
ومن أهم شروط التأهيل لديمقراطية حقيقية هو القضاء على الأمية والجهل فى الشعوب، وقد نص الدستور المصرى فى المادة 23 على أنه «تكفل الدولة حرية البحث العلمى، وتشجيع مؤسساته باعتباره وسيلة لتحقيق السيادة الوطنية، وبناء اقتصاد المعرفة، وترعى الباحثين والمخترعين، وتخصص له نسبة من الإنفاق الحكومى لا تقل عن %1 من الناتج القومى الإجمالى، وتتصاعد تدريجيًا حتى تتفق مع المعدلات العالمية». والنص لا يحتاج لشرح أو تفسير، فقط يحتاج إلى تفعيله على أرض الواقع، وإعطاء أولوية قصوى لهذه المادة من قبل البرلمان أولًا، وتحويلها إلى تشريع ملزم للحكومة.
ومن أهم نتائج زيارة الرئيس السيسى الأخيرة لليابان هى تأسيس مشروع الشراكة التعليمية المصرية اليابانية، وأعتقد أن هذا المشروع يستلزم أولا بداية إصلاح وتطوير البنية التحتية للتعليم فى مصر، حتى تكون مؤسسة التعليم مؤهلة لمثل هذه المشاريع البناءة مع دولة فى حجم اليابان.
إن «ملالا» تعد أصغر ناشطة على مستوى العالم، اهتمت بـ«أكبر» مشكلة نعانى منها فى البلاد النامية، هى مشكلة «التعليم»، ورغم أن «ملالا» ركزت على «تعليم الفتيات» فى منطقتها، حيث كانت حركة «طالبان» تمنع الفتيات من الذهاب إلى المدارس، فإنها ركزت على حق الفتيات فى «التعليم» بأكثر من بلد، فقد بدأت فبراير الماضى مع فتاة أخرى تدعى «مُزن»، وتدرس أيضًا فى الجامعة البريطانية، ومن نفس الفئة العمرية لـ«ملالا» مشروعًا جديدًا من أجل تعليم الفتيات السوريات خلال مؤتمر المساعدات فى العاصمة البريطانية لندن.
وقد نشرت الـ«بى بى سى» مقالًا عن الفتاتين بعنوان «ملالا ومُزن: تعاون من أجل إعلاء قيمة تعليم الفتيات»، وقد وجه المراسل الصحفى لهما سؤالًا على سبيل الدعابة: «هل اثنتان من ملالا أفضل من ملالا واحدة؟»، وهنا أطرح أنا سؤالى لكم: كم «ملالا» نحتاج فى مصر حتى ننهض بالتعليم المصرى فى كل المراحل الدراسية، وعلى كل المستويات التعليمية؟!
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة