النفاق أبرز عنوان لبيان أو توصية البرلمان الأوروبى حول مصر، بخصوص مقتل الطالب الإيطالى جوليو ريجينى، نفاق ممن احتفوا به واعتبروه انتصارا أوروبيا، وتعاملوا معه على أنهم من أقارب وأصهار البرلمان الأوروبى، وقبلها بذلوا جهودهم المهنية والاستقصائية لترويج شائعات وأقوال وتحريات على أنها حقائق، وبذلوا جهودهم لإثبات إدانة مصر من دون أن يقدموا دليلا ولم ينتظروا تحقيقات أو تحريات. وبلا مهنية تبنوا وجهة نظر ناقصة وعرجاء من قصص وشائعات وقص ولصق.
النفاق أيضا ممن اعتادوا الدفاع بلا قراءة ولا تفهم، وتجاهلوا أن هناك تصريحات للمسؤولين، وبعض أعضاء الهيئات القضائية تسىء إلى القضاء وتخرجهم من القانون للسياسة، وحبس كتاب ومحاكمة على نوايا.
الازدواجية واضحة لدى البرلمان الأوروبى، الذى استبق التحقيقات والمشاركة الإيطالية فيها، وأصدر بيانا خلط فيه الداخلى بقضية ريجينى، وقد يرى البعض أن البرلمان الأوروبى يتحرك من ناحية إنسانية، لكن الحدث تزامن مع حديث للرئيس الأمريكى باراك أوباما لمجلة «ذى أتلنتك» قال إن فرنسا وبريطانيا، خربا ليبيا بقصف عام 2011 وأسقطا نظام القذافى، وسقطت ليبيا فى أيدى ميليشيات، وتوسع تنظيم «داعش» وغرقت ليبيا فى الفوضى، ويقول أوباما: كنت أتصور أن الأوروبيين، بفعل قربهم من ليبيا، سيكونون أكثر فهما للوضع، لكن فوجئت بأن كاميرون غير مهتم، وساركوزى يستعرض.
اهتم البرلمان الأوروبى بقضية الطالب الإيطالى غير المحسومة، وتجاهل عشرات الآلاف من الليبيين ممن قتلوا وشردوا واختفوا قسريا ودفنوا وذبحوا بفضل التدخل الأوروبى، وهو أمر لم يشغل بال البرلمان الأوروبى ولو من باب ذر الرماد فى العيون.
الشاهد أن القضية مسيسة، ولا علاقة لها بريجينى ولا بالقذافى، ولم ينشغل البرلمان الأوروبى حتى بمصير مئات من الشباب الأوروبى المنخرط فى صفوف داعش حسبما كشفت وثائق التنظيم المسربة. داعش اختطف وقتل أوروبيين وأجانب وعربا وما زال، والبرلمان الأوروبى يعلم أن مواطنيه تم قتلهم وخطفهم، وترك كل هذا جانبا، واهتم بأن يصدر بيانا مسيسا من أجل مصر.
ربما كان على الجهات المصرية أن تتعامل بجدية أكثر ومن دون عصبية، وأن تقدم للبرلمان وقائع موثقة، وفى نفس الوقت يفترض أن يكون الاهتمام أكثر بالرد على الداخل أكثر من الخارج، هناك بالفعل وقائع وتصريحات منفلتة تسىء إلى صورتنا أمام أنفسنا، هناك أزمات تتعلق بالحريات وحقوق الإنسان، وتساؤلات من الداخل يفترض التركيز فى الإجابة عليها وبحثها وعدم تركها للهوى، ولا للمنافقين الذين يتعاملون مع كل القضايا بدفاع أهبل عصبى، يفتقر إلى العقل والمنطق.
إذا كانت أوروبا بالفعل مزدوجة فى تجاهل خراب مؤكد فعلته، فإن المدعين هنا دفاعا أو هجوما يفتقرون إلى العقل، ويسقطون فى فخاخ الصراخ والادعاء.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة